كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

تخصصه الدقيق أكثر من قرّاء فقيهٍ لا يلمُّ بفنون الأدب، ولا يُحسِنُ تناول
البحث في نطاقه الفصيح.
كما أذكرُ أمراً ثانياً مزَ بي، خاصاً بالأستاذ الزرقا، ففد كنتُ اُعدُّ
رسالة الدكتوراه عن البيان النبوي، مفصلاً نواحيَ الفول! في أسلوب
الرسول! الأعظم! ي! أديباً مبيناً، إذ هُو أفصجُ مقاول! العرب، وأوْفاهم
اداءً، فكتبتُ فصلاً عن الفُروق الواضحة بين أسلوب القران وأسلوب
الحديث، وعرضتُه على صديقي الأستاذ عبد الرحيم فودة رحمه اللّه،
فقال! بعد أن استوعبَ حقائقه: "لقد فاتكَ شي! كثير مما يجبُ أن يُقال!،
فإنَّ الاشتاذ مصطفى أحمد الزرقا قد كتبَ بحثاً في هذا المجال! أوفى به
على الغاية، ولا بدَّ ان ترجعَ إليه "، وتَلطَّف واحضر لي البحث المشار
إليه، وقد نُشِرَ بمجلة الواء الإسلام) في عددين متواليين، فلمَّا قرأتُ ما
كتب الأستاذ وجدتُ أئه أتى بما لم ات به، بل وجدتُ من الخير ان اقتبسَ
لبابه، وأن أشيرَ إليه مَصْدراً قوياً من اصول! هذا البحث.
وقد قرَّر الاشتاذ في مبدئه أنَّ الحديث النبوي جاء كلّه على
الاشلوب المعتاد للعرب في التخاطب، تتجلَّى فيه لغة المحادثة والتفهيم
والتعليم والخطابة في صورها المألوفة عند العرب، ويتميَّز عن الكلام
العربي المألوف بلغته المنتقاة، وبإحكام في التعبير، وجمْعٍ للمعاني
المقصودة بأوجزِ طريق واقربه، دون حشو، مما استحقَّ ان يسمَّى جوامع
الكلم.
اما أسلوب القران فقد قال! ا لأستاذ عنه (1): " أسلول! مبتكَر، لا يجدُ
الناظر فيه والسامعُ إليه شبيهاً له فيما يُعرف من كلام العرب وأساليبهم،
(1) مجلة لواء الإسلام، شعبان، سنة 379 ا هـ.
13

الصفحة 13