إنَّ كل نظرية من هذه النطريات تعدّ بذاتها مؤلّفاً مستقلاًّ، قد لا ترقى
إليها رسائل الدكتوراه، بل إنّ هذه النظريات طُوِّرت وجُعِلَت رسائل
للدكتوراه مع العلم أنَّ ابتكارها من حيث التقسيمُ والتصنيفُ كان من
إبداعات الشيخ رحمه اللّه، والحديث عن عمل الشيخ في المدخل يحتاج
إلى مؤلَّف مستقل.
لقد فتج الشيخ الزرقا بهذا الكتاب - وفي باب النطريات تحديداً-
الأقفالَ المغلقةَ، ومهَّد الطريق، ووطَّأ السبل للدارسين والباحثين، ليبنوا
على كل فِفرة وفكرةٍ وإشار؟ وضعها الشيخ دراسة مستقلة، وهو ما تمَّ
بالفعل، حيث تتابعت الدراسات والنطريات التي كان الفضل في صدورها
والتنبيه عليها إلى ما ذكره شيخنا رحمه اللّه في (المدخل).
ولا يفوتنا أن نذكر بأن كتاب (المدخل) قد حظي بعناية الشيخ منذ
البداية وحتى آخر طبعة، وقد تميَّزَ عمله بإتفان التبويب والإخراج،
والفهرس الهجائي للمسائل، وهو نادر في الكتب العربية، مما ييسر
الوصول إلى المعلومات المبثوثة في الكتاب بدقّة لا تصل إليها رسائل
الدكتوراه المعاصرة.
ويمتاز هذا الإخراج الجديد للمدخل عام (418 اهـ= 998 ام)
عن كلّ ما سبق من طبعات في الشكل وفي المضمون. ففي المضمون أضيف
فصل الفرق بين الشريعة والففه، وآخر عن الدور الفقهي الذي نعيشه
اليوم، وملاحق متعدّدة تناولت مشكلة الفوائد المصرفية، وسلطة ولي
الأمر، والسياسة الشرعية، والتفنين من الففه، وتوحيد التشريع في البلاد
العربية، وعقوبة الزنى، والفرق بين مدرستي أهل الحديث وأهل الرأي.
وفي الشكل قسم الكتاب كله إلى (82) فصلاً متسلسلاً لا تتكرَّر
أرقامها، موزعة على أبوابه العشرة، ووضع في أعلى كل صفحة من
132