كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

فهو يفرض الأحكام ويعالج الكلِّيات، ويضربُ الأمثال، ويوجِّهُ
المواعظ: في عموم لا تُشبهه العمومات المألوفة، وخطاب فيه من
التجويد ما يجعلُ له طابعاً خاصأ منقطع النظير".
ولتفصيل هذا الفرق الواضح بين الأسلوبين، عرض الأستاذ لنماذج
من الفول اتّحد فيها المعنى بين ما جاء في كتاب اللّه، وما قاله رسول اللّه
!!، من ذلك قول اللّه عزَّ 4 جل: " يأجَمّهَا اَلاسُ إِنًافَلَقنَبهوُمِن! وَأنثَئ
وَجَعَقنَبهؤُ شُعُوبًا وَقبًايَلَ لِتَعَارَفُومْ إِنَّ أَتحرَمَكُ! عِندَ اَللَّهِ أَنقنكُتم إِنَّ اَللَّهَ عَلِيم نجَيُرُ"
1 الحجرات: 113. وقول رسول اللّه جم!: ((أيها الناس! إنَّ ربَّكم واحدٌ،
وإنَّ اباكم واحدٌ، كلُّكم لاَدمَ، وادمُ من ترابٍ، لا فضلَ لعربيٍّ على
عجمي، ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى ".
وتشفع الأمثلة الشافية الوافية بما يوضّح الاختلاف بين الأسلوبين،
وكان رائعاً حقّاً، حين أرجع هذا الاختلاف إلى اختلاف الشخصية، لأنَّ
سامع كتاب اللّه أو قارئه يتجلَّى له من خلال آياته ذابٌ تتكلَّم من جوٍّ عالٍ
ذي سيطرة ذاتية، لا تضعفُ حتى في المواطن التي تعبِّر فيها عن الرحمة،
ذات سلطان مطلَق، اَخذة بزماميْن من الترغيب والترهيب (1).
أما الحديث النبوي فيُشعرُك بذاتٍ بشرية، يعتريها الضعف والفوة،
ففيها الضعفُ امام الصعوباتِ القاهرة تارةً، وفيها الثقةُ الفوئةُ بالحقّ تارة
أخرى؟ وضربَ الاستاذ للناحيتين من كلام الرسول ع! ي! ما اقنع القارئ
وامتعه، ثم نقل عن صاحب (الإبريز) الشيخ عبد العزيز الدباغ في معرض
البيان عن الفروق بين الأسلوبين ما أيَّد وجهته، وسدَّد خطاه، فكانَ ما جاء
به الأستاذ الزرقا مع وضوحه الساطع قولاً فصْلأ، بلغ الغايةَ في الإقناع.
(1)
مجلة لواء الإسلام، رمضان، سنة 379 ا هـ.
14

الصفحة 14