كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

اشتراط البائع في عقد الاستصناع عدم مسؤوليته عن عيوب المبيع الذي
سيصنَعه؟ مع انَّ الشيخ رحمه اللّه يرجِّج مذهب الحنابلة في الشروط
التعاقدية، لكنّه يرى انَّ إجازة هذا الشرط من شأنها أن تحميَ سوءَ النية
لدى المتعاقد الصانع. وتخل بمبدا حسن النية في المعاملات، وهو من
النظام العام، وتفسج المجال لعدم مبالاة الصانع بالتزام الدقة التقانية
(التكنولوجية) فيما يصنع وعدم الإهمال، خاصة أن مسائلَ الاستصناع
المعاصرةَ هي من قبيل المقاولات، والإعمار، وغيرها، وهذا الشرط
وإن كان مقبولاً في البيع العادي، إلا أنه غير مقبول في عقد
الاستصناع (1).
9 - الاستصلاح والمصالح المرسلة
في الشريعة الإسلامية واصول فقهها
تعرَّض الشيخ لموضوع المصالج في كتابه (المدخل الفقهي العام)
بشكل موجزٍ يقتصِرُ على الأساسيات، وهو مع هذا ناهز (60) صفحة في
طبعة المدخل الثامنة الصادرة في اوائل الستينيات، لشعور الشيخ بأهميّة
الموضوع في العصر الحاضر.
وقد تزايد شعورُه بذلك حين برزت الحاجةُ إلى الاستفادة من فقه
المذاهب المختلفة في مجالات المعاملات والاخوال الشخصية، وبرزت
معها أهمية الاستدلال بقاعدة المصالج المرسلة، لمواجهة المستجدَّات،
وفي تأصيل التشريعات المواكبة لهذه المستجدات، ففي هذه الظروف
أفرد الشيخ في أول الستينيات بحث الاستصلاح أو المصالج المرسلة
برسالة موسَّعة تشمل مختلف الاراء المذهبية، دون الاقتصار على
(1) راجع عقد الاستصناع، ص 39، 2 4، 43.
144

الصفحة 144