أولها: تمكّن الأستاذ الزرقا من الفقه، وأنّه قد غاص إلى أعماقه،
وخاصَّةً في باب المعاملات، وعلى وجه التحديد باب الوقف الذي يُعد
من عويص المسائل.
ثانيها: تمكُن الأستاذ الزرقا وهو في هذه السنّ من منهجية البحث
العلمي، ومن الفدرة على الحوار والمناقشة العلمية الهادئة الهادفة.
ثالثاً: تحلِّي الأستاذ الزرقا بأدب الحوار وأدب الخلاف، فلم يكن
متهكّماً ولا متعنّتاً، بل كان متواضعاً عفَّ اللسان، فلم يذكر الشيخ
الطرابلسي إ لا بفضيلة ا لأستاذ الشيخ، وفضيلة الأستاذ.
رابعاً: تنوُّع مصادر بحث الشيخ، مع ملاحظة العصر الذي كان
يعيشه، فقد رجع إلى عدد ليس بالقليل من المصادر! (الاعتصام)
للشاطبي، و (صحيج الإمام البخاري)، و (فتج الباري) لابن حجر،
و (الإسعاف) للطرابلسي، و (المبسوط) للسرخسي، و (الدر المختار)
و (الفتاوى الخانية)، و (رد المحتار)، و (الكفاية شرح الهداية)، و (فتج
الفدير) للكمال بن الهمام وغيرها0
خامساً: قيام الأستاذ بالرد، دون الاكتفاء بما يفعله علماء عصره،
ليدلَّ دلالة واضحة على مدى انخراط الشيخ في العمل السياسي العام،
والدفاع عن دينه وأمته منذ البداية، فالشيخ رحمه اللّه كان ينظر إلى فتوى
إلغاء الأوقاف الذرية على أنها دخيلة على المسلمين، في مصلحة
المستعمر. وحيث كان (الاستعمار) الفرنسي يريد إلغاء هذه الأوقاف،
فإنَّ فتوى الطرابلسي كانت سوف تستغل في دعم مشروع المستعمر
وتأييده، وخاصة إذا صدرت من مفتٍ0
وقد ذُيِّلَت هذه الرسالة بتواقيع أساتذة حلب وعلمائها الذين
147