الاستقرائي وفي دواعي كتابته - لما ذكرناه في التعريف بكتاب (الفعل
الضار والضمان فيه) - وقد قُدِّم إلى لجنة الخبراء المكلّفة من لجنة
توحيد التشريعات في جامعة الدول العربية في شهر أيار مايو عام
(983 ام).
يُبيِّن الشيخ في مطلع هذا البحث أنَّ نظرية التعسف في استعمال
الحق قد نظمها لأول مرة في التشريعات العربية القانون المدني المصري
الجديد الصادر عام (948 ام)، ثم تابعته على ذلك الفوانين العربية التي
اخذته او أخذت عنه، كالقانون المدني السوري والعراقي، وكذلك
القانون ا لمدني ا لأ ردني، ا لذي أريد له أن يُقام على اساس الفقه ا لإسلامي.
والقانون المصري المذكور لم يأخذ نظرية التعسف من (الفوانين
الغربية فحسب، بل استمدّها كذلك من احكام الفقه الإسلامي)، حسبما
بيّن واضعه وشارحه العلامة الدكتور عبد الرزّاق السنهوري.
لكنّ الشيخ الزرقا لاحط انَّ السنهوري وكل الفوانين المذكورة
ومذكراتها الإيضاحية لم تأت بشاهدٍ واحد من نصوص الشريعة أو فقه
المذاهب تؤيد دعوى الاستمداد منهما. فنهض الشيخُ لسدِّ هذه الثغرة
للوصول إلى (. . .الصياغة المنشودة الموثَّقة بأدلتها الشرعيَّة، سواءً
أوافقت بعد ذلك تلك الصياغات السابقة أو خالفتها).
وهذه مهمة لا بدَّ منها لأنَّ (. . معايير التعسُّف. . وعليها المعوَّلُ
كلُّه في التطبيق العملي. .) لا يمكن الاطمئنانُ إلى انسجامها مع الفقه
الإسلامي بدون ذلك التوثيق.
ونؤَه الشيخُ في المقدمة. بجهود مَنْ سبقه من الففهاء المعاصرين
في هذا الموضوع كالشيخ محمد أبو زهرة، ود. فتحي الدُّرَيني الذي
اقتبس منه الشيخ واحال مرات عديدة على رسالته (نظرية التعسف في
158