كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

مجموع الأشعار الواردة في قصة عنترة الشعبية، ولمّا بلغت العشرين كنتُ
أزاحمُ كبارَ الشيوخ من أقران والدي على حلّ المشكلات اللّغوية،
فيلجؤون إليّ كلَّما استشكلوا قاعدة او معنى ليعلموا راي فيه ".
وقد عُرِض عليه بعد البكالورية أن يكونَ مدرّساً للأدب العربي في
مدرسة أنطاكية، وهي وظيفة يتُوق إليها زُملاؤه، ولكنّه ابى؟ إذ كان همّه
ان يلتحق بالجامعة، وقد يسَّر اللّهُ له ذلك، فكانَ من همته أيضاًان يجمعَ
بين دراسة القانون في معهد الحقوق العربي (كلية الحقوق) فيما بعد
ودراسة الاَداب في مدرسة الاَداب العليا (كلية الاداب) فيما بعد، وهي
هِمَّة طامحة لا تُخلَقُ إلاّ في نفوس ذوي الماَرب العالية " وشاءَ حظه
العلمي أن يكونَ القانونُ والتشريعُ مادّةَ دراسته، منقطعاً عن البحث
ا لأدبي، فجلى هذا الميدان، بحيثُ ترك أخصب النتاج.
اما النضالُ الوطني فكانَ له نصيبٌ قويّ من نشاطه، إذ كانَ زميلاً
للفضلاء من شنباب جيله في الكفاح الوطني في عهد المستعمر الفرنسي،
ومعه رفيق جهاده الدكتور معروف الدواليبي، وناهيك به فضلاً وعلماً
وفدائية، وقد ذكر الزرقا أنّ فرنسة لم تقيّد الأقْلامَ، بل تركت للنفوس أ ن
تُظهر مكنونها، فكتبَ الزرقا وخطب ونظم، وتَوثَّقَتْ صِلاتُه بزعماء الأمة
من امثال: إبراهيم هنانو وسعد اللّه الجابري، وذلك تاريخ حافل لا تُغني
عنه هذه السطور، وا لإشارةُ تكفي.
وقد تقفَد الأستاذ منصبَ الوزارة (1)، وانتُخب نائباً في البرلمان،
وليسَا بكثيريْن على فضله، ثم كان من ثمرة كفاحه العلمي في ميدان الفقه
(1)
وزارة العدل في حكومة صبري العسلي عام 956 أم وفي حكومة الدكتور
معروف الدوليبي عام 961 أم.
16

الصفحة 16