كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

7 - الاعتزاز بالفقه الإسلامي، وسموّه على القانون الوضعي
(الفرنسي)، وبيان تميّز الفقه على الحلول القانونية، وقد ظهر هذا خلال
الشرح واضحاً بيّناً، ويزيدُ الأمرَ وضوحاً من خلال المقدمة التي صدر بها
الجزء الأول من الشرح، حيث تحدّث عن تاريخ التقنين المدني في
سورية، وعلاقته بالقانون المصري، الذي استمدّ من القانون الفرنسي.
ثم تحدّث عن ضرورة استمداد القانون المدني من الفقه الإسلامي
وذكر الشبهات المثارة التي يتذرَّع بها من لا يريدُ تطبيقَ الشريعة،
وفنّدها شبهة شبهة، وقد أتى ضمن المقدمة على ذكر تصارع تيار
أصحاب الفكرة الشعوبية، الذين لا يرونَ قيمة للتراث العربي
والإسلامي، ويريدون الفانون الفرنسي، وتيار دعاة الوحدة العربية،
الذين يرون الفقه الإسلامي مصدراً أساسياً للقانون المدني، لأنَّ الفقه هو
الذي يمثّل حضارتهم وتاريخهم الحقوقي، وهذا القول من الشيخ الزرقا
يذكرنا بدعوة العلاّمة السنهوري إلى استمداد الفانون المدني من الفقه
الإسلامي كنز الشريعة.
وقد ذكر الشيخ بمرارة وحسرة كيف انتصر تيار الشعوبية على تيار
الوحدة العربية، حيث يقول عن احداث سنة (9 4 9 1 م): " ولكن لم تمضِ
أيام على وصول موفد وزارة العدل السورية لهذه الغاية إلى القاهرة، حتى
وقع الانفلاب العسكري الأول في سورية، وقام به الفائد العام في الجيش
السوري إذ ذاك الزعيم حسني الزعيم الذي تولّى السلطتين التشريعية
والتنفيذية، وكان شخصاً مهووساً مختلَّ التوازن، فالتفَّ حوله بعضُ
أولئك الشعوبيين والانتهازيين، وركن إليهم، وسلَّمهم وزارة العدل،
فاهتبلوا الفرصة، وأقنعوه بأنَّ أعظم عمل يرفع شأنه في نظر الأجانب، هو
أخذ قانون مدني أجنبي بدلاً من التشريع الإسلامي وفقهه، وقد أفهموه
162

الصفحة 162