كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

والقانون ان صار استاذاً بجامعة دمشق لتدريس الحقو! تى المدنية والشريعة
الإسلامية معاً، وعهدُنا بكلية الحقودتى في مصر أن تَفْصل بين القانون
والشريعة، فتختار للقانون اساتذةً مدنيّين، ممَّن دَرسوا القوانين ا لأوروبية
مقارنةً بالقانون المصري، وتختار للشريعة أساتذةً فضلاء، ممن تخصّصوا
في الفقه الإسلامي، وكلّهم من رجال الأزهر، ومدرسة القضاء، ودار
العلوم! ولكنَّ الجمعَ بين الناحيتين قد تهيّا للأستاذ الزرقا، وأتاحَ له ذلك
أن يمتدّ بنظره إلى القوانين الأوروبية التي بهرت معظم الناس، ليقارنها بما
جاء في كتب الفقه الإسلامي من موادّ لا تفلّ عنها خصوبةً وإتقاناً، وقد
ظهر ذلك في مؤلَّفاته الموسوعية، التي حازتْ قبول المتخصصين على
نحوٍ غير مسبوق!.
ومما أذكرُه عن الأستاذ الزرقا أنّه ألقى محاضرةً بالجامعة الأردنية
سمعتُها ذات مساء من إذاعة عمّان، فأعجبتني منها قصّةٌ طريفةٌ،
خلاصتُها: أنَّه عَلِمَ عن الفقيه الكبير الأستاذ الشيخ أحمد إبراهيم بك
أستاذ الشريعة الإسلامية الاشهر بكلية الحقوق بمصر أنه القى في دروسه
حديثاً عن شمول الفقه الإسلامي لكل ما يجدُّ من شؤون الحياة، فقالَ له
بعض الطلاب: وهل في كتب الفقه القديمة حُكْمُ مَنْ هَجم على منزلٍ ليلاً
ليَسْر! تىَ؟ فاصطدم بسلكٍ كهربائيٍّ فقتله؟ وقد ظنَّ الطلابُ أنَّ مسألة
الكهرباء مما استحُدث بعدَ أن دُوّنت كتب السلف، ولكنَّ الشيخ احمد
إبراهيم رحمه اللّه صَاح بالطالب: إنَّ في الكتب نصّاً واضحاً لهذا الحكم!
فقال الطالب: وكيف؟ قال الشيخ: اليسَ في هذه الكتب حكمُ من تجرَّأَ
على بَيْتٍ بليْلِ ليسرقَه فهجم عليه كل! حارس فعقره وأرداه قتيلاً؟ إنّ
الكلبَ هنا هوالسلك الكهربائي، والحكم هو الحكم0
أقولُ: قد سمعتُ هذه الطرفة من الأستاذ الزرقا في محاضرته من
الإذاعة الاردنية، ودوَّنتُها في أوراقي لساعتها، ثم حان الحديثُ هنا عن
17

الصفحة 17