كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

الحديث، فإذا هذا الفقه الغني القويّ الذي كان ملتفاً في ثوبه العتيق القديم
يخرجُ على الناس في ثوبه الجديد فتيّاً مشرقاً يزاحِمُ الفقه كلّه بمنكبيْه،
ويُعلن للناس أن فقه الإسلام هو الفقه، وان شريعته هي الشريعة، وأنّ ما
اختاره اللّه للناس هو الخير كلُّ الخير لو كانوا يعلمون ".
هذا بعض ما قاله البحّاثة الشهيد الأستاذ (عبد القادر عودة (من
مقالٍ طويلٍ ينحو هذا المنحى من الإطراء المعلّل والثناء الموضوعي
الكاشف.
امَّا المستشار القانوني الأستاذ (حسن جلال (فلم يكن من عادته أ ن
يتحدَّث عن المؤلَّفات المعاصرة في مقالاته بمجلة (الثقافة (، ولكنَّه
فوجى بكتاب الأستاذ الزرقا يأخذ عليه لبّه، ويتركه في دهشٍ من براعة
التأليف، ولطف تأتّيْه، فكتب مقالاً عنه، بدأَهُ بمقدّمةٍ تمهيدية عن أحوال
التشريع في سورية مِنْ حيث الأحكام المدنية، إذ كان قضاتها يستخرجون
الأحكام من كُتب التراث على ما بها من مَشقّة في التحصيل، وعُسر
التناول، ووضع الحكم الشرعي في غير بابه كثيراً، ثمّ رأت الدولة
العثمانية - التي تتبعها سورية - أنّه لا بدَّ من تيسير الأحكام، فألَّفت لجنة
لذلك، وتابعت اللجنة بحوثها حتى انتهت إلى ما سمّته (مجلة الاحكام
العدلية (، فصارت هذه المجلة بمثابة القانون المدني، وقانون المرافعات
في محاكم الدولة العثمانية جميعها؟ ظلّت (مجلة الاخكام (مرجعاً بعد
زوال التبعية العثمانية، ثم جاءَ الأستاذ الزرقا ليدرِّس لطلاب الحقوق
بدمشق مادة الحقوق المدنية والتشريعية، فماذا صنع؟!.
يقول الأستاذ جلال (1): "كانت عملية ئحويل الفقه الإسلامي من
(1) مجلة الثقافة، العدد (726)، 24/ 1 1/ 952 ام.
21

الصفحة 21