كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

أحكام الشريعة المستقاة من القراَن الكريم، واجتهادات الفقهاء، وهذا ما
يجعلُ العنوان أضيق من موضوعه (وقد احتاطت مجلة (المسلمون)
فكتبت تعليقاً تقول فيه: " إنَّ نسبة التشريع الإسلامي إلى محمد! ي! ووصفه
بالمحمدي لا يعني عندنا معشر المسلمين ما يتبادر إلى فهم غيرنا ممَّن
وقعوا في عبادة الأشخاص! وهذا ما يعرفُه كل مسلم، وقد قرَّر الأستاذ في
مقاله أنَّ عظمة التشريع المخلَّدة إنَّما هي في قواعده واصوله لا في فروعه،
فكلَّما كانت تلك القواعد احكَم وأكمل، وتلك الأصول أعمّ وأكفل، كان
التشريع أخلد حياةً، واخصب إنتاجاً، وألمع سراجاً، وأوفى بحاجات
العصور، وأوضج انّ هذا القول يشمل التشريع الإسلامي كافة).
وتساءلَ الأستاذ عن أثر نبيّنا محمد! ي! في هذا السبيل العالمية
العليا، وأجاب بأنَّ النبيَّ! ي! قد جاءَ بتشريعٍ خالدِ القواعد والأصول، كان
أساساً لفقهٍ عظيمٍ ملأَ جوانب الأرض وعمَّر آلاف المدارس؟ ووازَن في
قوّة بين مصادر الحقوق في الشريعة الإسلامية وفي الفقه الأوروبي
الحديث، ثم قال (1):
"إنَّ الفقه القانونيّ الحديث في ترتيبه البديع، لمصادرِ الحقوق
والالتزامات لم يستطعْ أن يأتينا بجديد لم تسبق إلى تقريره نصوصُ
الشريعة المحمدية التي أعلنها النبيُّ! ي! في أمّةٍ أميّةٍ جاهلةٍ لم تعرف
للشرائع معنى ولا اثراً، وليسَ هذا مجرَّد دعوى، بل هو مبنيٍّ على معرفة
بفقه الشريعة ومبانيها. . ثم أفاض في هذه المعاني إفاضة مستندةً إلى
الأحكام الفقهية الناطقة بذلك، وانتهى إلى انَّ الأهم من كلّ ذلك انَّ
التشريع المحمدي ربطَ احترام التشريع بالعقيدة حتى يكون الإنسان قاضياً
على نفسه إذا أرادَ أن يكون مؤمناً! فمن استطاعَ ان يخدعَ القضاءَ حتى أخذ
(1) مجلة المسلمون، السنة الثانية، العدد السادس، صا 5 وما بعدها.
25

الصفحة 25