كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

رائدة في أفكارها ومناهجها وعملياتها الاستثمارية بحيث تسيرُ على
دروب ا لاقتصاد ا لإسلامي السليم، فتكون تاجرة مضاربة تنطج ا لأسواق،
وتتصيد الفرص المناسبة التي ترصدها بمنظار وعيون مفتحة في الأسواق
على الأسعار والسلع، ويكون لها مخازن ومعارض ككل مُتاجر
برأسماله، ومضارب مشارك بعمله، فتجني أرباحاً مضاعفةً عن سعر
الفائدة الذي تربحه البنوك الربوية في قروضها. وهكذا تضرِبُ المثل
الصالج للنطام الإسلامي في طريق المشاركة الذي يباركه اللّه، بدلاً من
طريق التمويل الربوي المشؤوم (1).
وبغضِّ النظر عن ذلك الجانب الاجتهادي الذي تميَّز به الشيخ في
مجال القضايا الفقهية المعاصرة ولا سيما فيما يتعلَّق بالمعاملات المالية،
هناك خصائص ومحاسن تجلَّت في مؤلَّفاته، وتحلَّت بها شخصيته العلمية
ينبغي الإلماع إليها والتنويه بها.
فمن أبرز مزاياه الفقهية:
1 - التركيز على الجانب المفاصدي في الترجيح، ففي مناسبات
كثيرة تجده يرجِّحُ الرأي المذكور الذي يكون أقرب إلى تحقق المفاصد
الشرعية، فعلى سبيل المثال: انتقد اجتهاد المذهب الحنفي - الذي رضع
بلبانه وهو في طليعة فقهائه المتأخرين - في عدم ضمان المنافع، ورجَّح
رأي الجمهور، وإليك قبسات من كلامه في هذا الموضوع:
"ومن الواضج أنَّ نظرية الاجتهاد الشافعي والحنبلي في إلحاق
المنافع بالاعيان في المالية والتقوم الذاتي هي أحكم وامتن وأجرى مع
(1) المصدر السابق، ص 1 3.
32

الصفحة 32