كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

من أمثلة ذلك أنه فضَّل استعمال لفظ (الوديع) - أي الذي وضعت
الأمانة لديه - على (الموح) بفتج الدال لأنَّ هذا الثاني يحتاج إلى ضبط
وتشكيل لكي يتميز عن (المودِع) بالكسر - أي صاحب الوديعة -.
ومنها أنه كان يشمئز من الاصطلاح الشائع: (الجدّ الفاسد) - أي:
الجد من جهة الأم - في المواريث تمييزاً له عن الجد من جهة الأب، إذ عبر
عن الأول بالجد الرحمي، وعن الثاني بالجد العصبي.
4 - ومن ميزات الشيخ الفقهية الجليلة أنه صاغ الفقه الإسلامي
صياغة جديدة مشرقة، فنقّاه من شوائب التعقيد، فظهرت نصاعة البيان
وسلاسة العبارة في جميع ما كتب مع حسن الترتيب وجودة التنسيق،
وذلك لأنه كان ضليعاً في اللغة العربية، أديباً مترسلاً رياناً من الأدب
العربي، نهل من ذخائره، ومرن على الكتابة وهو حديثُ السنّ، وكتبُه
شاهد عدلٍ على هذه السمة المرموقة المتميزة. والواقع أن كتابه (المدخل
الفقهي العام) يُعدُّ من روائع الكتب الفقهية، فقد تضمَّن البحثَ في
نظريات فقهية مؤصَّلة عميفة الفكر، غزيرة المعنى؟ بأسلوب ماتع سائغ،
يبلجُ به جبين الففه، وتصير الموضوعات الفقهية قريبةَ المنال، محببة
لدى القارى، وقد اشاد به العلاّمة الشهيد عبد القادر عودة في مستهلّ
تقريظه الكتاب بكلمة كان الشيخ مصطفى قميناً بها وهي كما يلي:
"الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد: كان هذا العنوان أمنيةً فأصبجَ
حقيقة، كان أمنيةً تهوى إليها النفوس، وتهفو إليها القلوب، فأصبج
حقيقةً ماثلةً بين دفتي كتاب يستطيع كل قارى ان ينالها ويستمتع بجمالها.
وقبل هذا الكتاب كان عشّاق الفقه الإسلامي يحاولون أن ينالوه فلا
يستطيع أن يناله منهم إلا البعض، وقليلٌ ما هم، لأنَّ الفقه اعتصم من
35

الصفحة 35