كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

الفاحصة، وقد منَّ اللّهُ عليَّ أن كنتُ الناججَ الأول في هذه المسابقة،
فَعُيِّنْتُ معيداً في الكلية بناءً على ذلك في عام (964 ام)، ثم كُلِّفتُ
بالتدرب على التدريس في الكلية خلال عامي (1964 - 1965 م)، وكان
فيما كُلِّفتُ بتدريسه من المواد والكتب في الكلية كتابا أستاذنا الزرقا:
(المدخل الففهي)، و (نظرية الالتزام في الففه الإسلامي)، ثم سافرتُ في
عام (1965 م) موفداً من قِبَل جامعة دمشق إلى الأزهر الشريف للحصول
على درجة الدكتوراه في الفقه الإسلامي وأصوله، وتمَّ لي ذلك بفضل اللّه
تعالى وحمده، وحصلتُ على درجة الدكتوراه في الفقه والأصول من كلية
الشريعة والقانون في جامعة الأزهر مع درجة الشرف الأولى في عام
(1970 م)، وعُيّنتُ بعدها مباشرة مدرِّسأ في كلية الشريعة بجامعة دمشق
في العام ذاته، وبدأتُ التدريسَ في الكلية، وكان فيما أُسند إليَّ من المواد
التدريسيَّة عقب تعييني مباشرةًالمواد التي كان قد دزَسني إيَّاها استاذنا
الزرقا، وهي (المدخل الفقهي العام)، و (نظرية الالتزام في الفقه
الإسلامي)، فدرَّستها سنينَ كثيرة في كتبه التي درستُها فيها عليه، فازددتُ
معرفةً بعقليّته الفقهية المميؤة، وسَعَة أُفقه العلمي الواسع جدأ، وحبّاً
عميقاً له، وثقة كبرى بعلمه.
وقد خسرت سورية عامة، وجامعة دمشق بكليتيها الشريعة
والحقوق خاصة، بانتقاله إلى الجامعة الأردنية للتدريس فيها، ثم انتقاله
إلى المملكة العربية السعودية للإفادة من خبراته العلمية النادرة، ثم انتقاله
إلى الرفيق الاعلى في أواخر القرن العشرين، عن عمرٍ ناهز التسعين عاماً،
قضاها كفَها في العلم والمعرفة والتدريس: خسارة لا تعدِلُها في نظري
خسارة وفاة أي عالم آخر، رحمه اللّه تعالى رحمة واسعة، وٍ أسكنه فسيج
جنّاته، وعوَض المسلمين عامةً، وطلاّب العلم خاصة، والمجامع
الفقهية بشكل أخص، عنه مَنْ يحلُّ محله، ويؤذَي المهمات العلمية التي
40

الصفحة 40