حياة الأستاذ الكبير العالم الفذّ مصطفى الزرقا
باني الجيل المعاصر: دقة في النظر، وعمقٌ في الدليل
بقلم
الدكتور فتحي الدريني
عميد كلية الشريعة في جامعة دمشق سابقاً
كان الشيخ المرحوم مصطفى الزرقا قويَّ الشكيمة عند مقارنة
الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية، ويستند في المقارنة إلى أصول
الشريعة، وكلياتها العامة، وقواعدها المحكمة، وغاياتها البعيدة،
ومصالحها الكلية والجزئية، الدنيوية والأخروية، في دقة وإحكام، ثم
يؤول إلى القوانين الوضعية، فلا يجد فيها إلا جزئيات الغاية، ثم لا يجد
لها أصولاً عامةً تستند إليها تلك الغاياتُ الفرعيةُ إلا قليلاً، فكانت لذلك-
وفي معظمها - نصوصاً فرعيةً لا تكاد تستندُ إلى أصول أو كليات، على
النحو الذي نجده في التشريع الإسلامي العظيم، ولا سيما في القران
الكريم.
والسرُّ في ذلك، أنَّ الشريعة الإسلامية معظمها كليّات لا جزئيات،
لأنَّها لم تشرع لزمن معيَّن ولا لأمة أو شعب دون الأمم الأخرى أ و
الشعوب الأخرى في العالم. ذلك أنَّ الإسلام إنما كان رسالةً للعالمين،
فكان الأستاذ الكبير يرفع من شأن رسالة الإسلام، ولا سيما شريعته،
ليبدوَ للعالم بعدُ الشأو لهذا التشريع الإسلامي العادل الشامل الرحيم،
دون غيره من القوانين القديمة والحديثة والمستقبلة؟ لأن هذه القوانينَ
كانت تُصاغ لأمتها وحدَها، ولزمن دون اخر، فيكون التقنين مُصاغاً على
42