كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

ولو أردتُ الاسترسال! لطالَ الكلامُ، إذ لم يكن من شؤون
المعيشة شأن إلا وقد تفقَّه الوالدُ فيه، حتى أحكمَ تعاطيه، بعد أ ن
أعمل فيه فِكْرَهُ، وسأل! أهلَ الاختصاصِ إن كانوا، ثم أخذَ به نَفْسَهُ
عملياً، وففّه مَنْ حوله ممن يحتاجُ إليه، وممن رضي أن يصغي
إليه. من ذلك أذكر سرداً:
-مم! كيفية تعقيم إبرة الدواء، وتركيبها بالملقط الطبي دون لمس،
ثم إعطاء حقنة دوائية في العضل في المواضع الصحيحة من الجسم
دون سواها.
* وكيف يمقَعُ الخَسُّ بمادّةٍ معقِمةٍ أو بالصابون، ثم يغسل بعناية
قبل تناوله (كان - رحمه اللّه تعالى - مُوْلعاً بالخس).
*. ثم كان يقتني ويتقن استخدامَ ادوات النجارة والحدادة ولحام
المعادن وتمديدات الماء وسواها مما يحتاج إليه في إصلاحات
المنزل! وآنيته، والإصلاح الخفيف للحقائب والأحذية، بل حتى
إصلاح المصنوعات من البلاستيك.
وكان يأتي في إصلاحاته بالمدهشات المتقنة0
فإن احتاجَ إلى المهنيين، وأتى بهم لإصلاح شيء، وفاتَ
أحدُهم أن يُحضرَ أداةً معينةً، فقلّما لا يكون مثلها عند الوالد يأتيه
بها. وكان يراقبهم، ويرشدهم إلى الأسلوب الصحيج، ويتعجَّبُ
من كثرة اخطائهم جهلاً أو تهاوناً، كما يتعلّم من المحسنين منهم.
كنتُ أحيانأ ألومه على صرفه وقتاً في الإصلاحات يتولاها
بنفسه، فما كان يردّ علي، ثم أدركتُ أنها هواية يستجئمُ بها
ويتلذَّذ. ثم ورثتُ عنه هذه الهواية.
47

الصفحة 47