كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

! كان يقتني طقماً متكاملاً من سكاكين الجزّارين، يستخدمها
بمهارة في تفطيع خروف، مع تمييز القطع بحسب الأكلات المناسبة
لها، ومع معرفةٍ فائقةٍ بمواطن الأوتار الخفيّةِ يستلُّها بحذق.
وهذه السكاكينُ يأتي بها من صناعة حلب، ومن مزاياها كما
أخبرني أنَّ مقابِضَها من خشب المشمش الدمشقي، الذي لا يتفسّخُ
بالماء وبطول الاستعمال، أمّا نصالها فمن فولاذ المبارد الأوربية
المستهلكة، يطرقُها على النار حُذّاقُ الحدادين، تفري اللحم بحدها
المرهف بلا عناء.
وكان يصنعُ لكلِّ سكينٍ قِراباً من الورق المفوَّى، او سواه،
حتى لا ينثلم حَدُّها. وحين رأى أنني أُقدِّرها حقَّ قدرِها أهداني في
عمان واحدة بعد تعفدي أن أصنعَ لها قِراباً.
! كان ايضاً فقيهاً في البسْتَنَةِ، بالاشجارِ المثمرةِ أدواءً وأدويةً،
وبكيفية تطعيم نوعٍ بنوعٍ، حتى عفم مهندساً زراعياً طريقةً فيه،
وتعلَّم منه طريقةً أخرى. أتقن هذا الفنَّ من عنايته ببستان اقتناه جَدّي
الشيخ أحمد في قرية (تاذف) قُرْبَ حلب.
،- الحلاقة: لابدَّ أن أفردها بالذكر، إذ أتقنها الوالدُ أيمّا إتفان،
مذ كان يتولّى دون سواه -كما أخبرني - الحلاقةَ لجدّي أحمد،
والعناية بلحيته. وعلّم زوجته (خالتي) ذلك، وكان يستخِدمُ مراتين
يمسِكُ إحداهما وهي تمسِكُ بالأخرى خلفه ليراقِبَ النتائجَ
ويوجهها.
وكثيراً ما كان يتولّى حلق شعري وشعر نوفل اخي الأكبر، على
مضض منا وتهزُب وتخوُّف ان يكتشف أحدُ من زملائنا أو الجيران
أن بابا وليس حلاّق الحي يحلق شعرنا. يا للعار!.
48

الصفحة 48