كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

" أذكر أنه -حين دعته جامعة برنستون بأمريكة إلى مؤتمر عن
الفقه الإسلامي عام 1372 هـ-953 ام، مع جولةٍ بعد المؤتمر
في عِدّة ولايات - قرر أنه ينبغي أن يتعلّم مبادىء الإنكليزية. فاشترى
كتابأ من سلسلة سأأالاأأ33 ول لتعليمها للناطقين بالفرنسية، ودرس فيه
بجد، واستفاد من ذلك في سفرته تلك، وفي مناسباتٍ كثيرة
بعدها، إذ بقي محافظاً على اهتمامه بمبادىء الإنكليزية.
3 - الإتقان:
كان إتفانُ كلِّ شيء يتعاطاه سجية عند الوالد، يأخذُ به نفسَه
ومَنْ حوله، فإذا كان التفقه هو مرحلةَ الفهمِ، فإنَّ الإتقانَ هو مرحلةُ
التطبيق.
" كانت تجاربُ الطباعةِ لكتب الوالد درساً في الإتفان، يتكَّررُ
مراتٍ كثيرةٍ في الفصل الواحد. وقد يستعينُ بنا منذ كنا في نهاية
الدراسة الابتدائية، حيث نمسِكُ الأصلَ المكتوبَ، وهو يمسِكُ
التجربةَ، فيفرأُ بصوتٍ عالٍ ويصحج، ونحن نتأكد على الأصل0
! وكان شديدَ الحرصِ على وضوح العبارة، فقد يبدّلُ كلمة
لاحتمال أن يفهمها المبتدىء على غير مقصودها، وعلى وضوحِ
الفكرةِ، فقد يعيدُ الصياغةَ مرّات حتى تصبجَ في متناول الطالب.
وكان أحياناً يختبِرُ ذلك على خالتي فيُقرئها العبارة، ويسألها إ ن
فهمتْها، ف! نْ أجابتْ بالإيجابِ أثبتها، وإلاّ أعادَ الصياغةَ والتبسيطَ.
" مشهد: كان ذلك في صيف 1957 م بعد ظهورِ نتائج امتحان
السنة الأولى -كلية الحفوق - في جامعة دمشق، وإذا بترتيبي الثاني
بحسب المجموع على أكثر من 400 طالب، أخذتني الدهشة،
وهنأني جميعُ أفراد الأسرة. ثم أتى الوالدُ فاخبروه فلم يهنئني، بل
50

الصفحة 50