لابن نجيم (1) وغيرها، ظهر لنا بجلاء أنّ الشيخ أحمد قد تشرَّبٍ المذهب
الحنفي، وأصبح يسري في عروقه، مما أكسبه مَلَكةً فقهية جَعَلَتْه في
مصافِّ كبار العلماء.
قال عنه العلاّمة الشيخ محمد الحامد رحمه اللّه تعالى: "لم أجلس
إلى أفقهَ منه، حتى المشايخ الذين تلقّيتُ عنهم في مصر من بعدُ، بلَّل الله
ثراه، وأغدق عليه شآبيب رحمته، كان يتفجَّر علماً، ويتفتَّج تحقيقاً،
ويجري معرفةً كالوادي إذا سال، ولكأن الفقه كان امامه، يأخذُ منه ما
يشاء، ويترك منه ما يشاء، واشهد أنه كان وقَّافاً عند حدود اللّه في بياناته
العلمية، فإن عرض له إشكال، طلب إلينا أن نكتبه له، ثم يضعه في ثنايا
عمامته، ويأتينا في الغد بالقول الفصل. . .، وهذا الاستاذ الكبير أحد
الذين تأثرتُ بهم من الناحية العلمية " (2).
لم يترك الشيخ أحمد من المؤلَّفات سوى كتابه الفذ (شرح القواعد
الفقهية) (3) الذي شرح فيه (99) قاعدة فقهية، هي قواعد (مجلة الاحكام
العدلية) على وَفْق منهج دقيق نافع مرتَّب، وكتابه هذا يدلّ على تمكّنه من
علم القواعد شرحاً وتأصيلاً.
درَّس الشيخ أحمد في المدرسة الخسروية، وكانت له حلفات علمية
متعدِّدة في مساجد حلب، ويؤمُّ بيته طلبة العلم وأصحاب الحاجات.
وقد كان للشيخ أحمد ندوة للخاصّة، أو لنقل لخاصة الخاصة،
(1)
(2)
(3)
أبو غدة، مقدمة شرح القواعد، ص 0 2.
العلاَّمة المجاهد الشيخ محمد الحامد رحمه إد! ه، عبد الحميد طهماز، دار
القلم، ص 22 - 23.
طبع شزح القواعد بعناية ولده الشيخ مصطفى رحمه ال! ه، في دار القلم بدمشق.
وانظر ثعريفاً به: ص 9 6.
67