كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

يلتقي فيها والده - الشيخ محمد - لمناقشة عويص المسائل، وخفايا
النكات الفقهية والأصولية، ويحضر هذه الندوة أو هذه المساجلات
الشيخ مصطفى وهو غلام يافع.
وحينما اعتزل الشيخ محمد الزرقا (الجد) التدريس بسبب كبر
سنه، وعدم تمكُّنه من المتابعة في إلفاء الدروس، حلَّ الشيخ أحمد محلَّ
والده في التدريس، وفي سائر الحلقات العلمية، وهو أهل لهذه المَهمة.
وفي هذه المرحلة اصبج الشيخ مصطفى تلميذاً لوالده في التفقّه
على المذهب الحنفي، وكان عليه أن يحضر الدرسَ من أكثر من عشرين
كتاباً إضافة إلى قراءة (رد المحتار) قبل المذاكرة مع والده، وكان الشيخ
مصطفى ملازماً لوالده في الدروس المعتادة في الخسروية، وفي الحلقات
التي يعفدها في مختلف المساجد (1).
وقد اشتهر عن الشيخ أحمد صَنيعُهُ مع ولده مصطفى، وكيف أنَّه
توثَى بنفسه تعليمه وتهيئته لمُهمات الفقه، وجعله ملازماً له، حتى في
النوم في غرفة واحدة (2)؟ ليتمكَّنا من مناقشة المسائل، وبيان مدارك
الأحكام.
إنني لا أعجبُ حينما أرى أنَ هذا الشيخ قد تخزَج على يديه علماء
(1)
(2)
يقول الشيخ مصطفى: "كنت أحضر عليه في الجامع الأموي - بحلب -دروسَ
الفقه والحديث في يوميه المفزرين من كل أسبوع، وفي جامع الخير كذلك كنت
أحضر دروسه، وفي المدرسة الشعبانية كان له درس. . . "، راجع المجذوب،
(علماء ومفكرون عرفتهم: 2/ 347).
يذكر الشيخ مصطفى انَ والدته كانت تنام في غرفة اخرى، وينام هو في غرفة
والده في فترة طلب العلم. وانظر تمام الخبر فيما كتبه عنه الشيخ عبد الفتاح ابو
غدة في كتابه (تراجم ستة من فقهاء العالم الإسلامي، ص ه 9).
68

الصفحة 68