كانت للشيخ محمد مكانة عظيمة في نفس حفيده الشيخ مصطفى،
وكان يذكره باستمرار، ويدعو له بالرحمة، وحينما توفي الشيخ محمد
رثاه حفيده شيخنا مصطفى بفصيدة مطلعها (1):
اَفِضْ علَى مُهْجَتِي ما شِئْتَ يا دَهَرُ واصْبُبْ صُرُوفَكَ ما شَاءَتْ لَكَ الغِيَوُ
لا تخشَ مِنَّا حذاراً بَعْدَ نكْبَتِنَا فَبَعْدَ جَمْرِ الغَضَا لا يُحْذَرُ الشَّرَرُ
لمَّا مَضَى مِنْ بَنِي الزَّرْقَا مُحَمَّدُهَا هَوْ 4 لَهُ بَاتَتْ الأَهْوَالُ تُحْتَقَرُ
وفيها يقول:
هَلاّ رَحِمْتَ عُلُوْماً غَارَ مَنْبَعُهَا فَمَا لَهَا في سِوَى صدْغَيْكَ مُدَّخَرُ
4 - طلبه العلم الشرعي:
يعودُ الفضلُ في سلوك الأستاذ مصطفى الزرقا طريقَ التففُه في علوم
الشريعة الإسلامية خصوصاً، والاداب العربية، واللغة، والمعارف
الحديثة عموماً بعد اللّه سبحانه وتعالى، إلى جدّه الشيخ محمد رحمه
اللّه، حيث إنَّ الشيخ مصطفى كان قد انصرف إلى التجارة في اول عمره
يعمل فيها مع أخيه اكبر محمد، معرضاً عن العلم الشرعي وغيره من
العلوم، ففي التجارة غُنية وشغل شاغل.
ويأتي دور الجد في التأثير غير المباشر من خلال الحلفات العلمية
التي كانت يعقدها، وأهمها ما كان يفعله من مناقشة وحوار يبهر العقول،
حيث كان رحمه اللّه (أي الجد) يجتمع مع أبنائه كل يوم بعد المغرب،
وكان شيخنا مصطفى يحضر مع والده أحمد، ولمّا كان الشيخ أحمد فقيهاً
متمرِّساً، كان يحاور أباه (الجد)، ويناقشه في بعض المسائل الفقهية،
(1) ديوان قوس قزح للشيخ مصطفى، ص 133.
71