8 - من أخلاقه وشيمه:
كان الشيخ مصطفى - رحمه اللّه -هادى الطبع، متَّئدَ الخطى، قليل
الكلام، دائم الفكرة، يغلب عليه الجِد، وهو مع ذلك ذو دُعابة لطيفة،
يغضب للحق، قال عنه الشيخ علي الطنطاوي - رحمه اللّه -: "الشيخ
مصطفى معروف بطول الأناة، وسعة الصدر. . " (1).
وقد كان بشوشاً سخياً، يبذل من ماله ووقته، وكان على جلالة
قدره وعلوّ منزلته متواضعاً، لا يعرِفُ الكِبْرُ إلى قلبه طريقاَّ، عبارتُه تتحلَّى
بالرقّة والعذوبة، ولا يخاطب تلامذته إ لا بعبارة " يا ولدي ويا بنتي. . . ".
ومن تواضعه أنه كان يفول لتلميذه محمود عبيدات، أنت مرجعنا
في الحديث، مع العلم أنَّ الشيخ رحمه اللّه كان طويل الباع في الحديث،
لكنّه تواضع العلماء.
قال مرة للمذكور وهو يُصوِّب له خطأً لُغوياً: "ابني ابا حمزة لولا
أنني أعلم حرصك على اللغة ما نبَّهتُك لهذا"، وقد كان الشيخ رحمه اللّه
علاّمة في اللغة نثراً وشعراً، فرجاه تلميذه واستحلفه بأن ينبّهه إلى ايِّ لحن
يكون منه، ليفيدَ ويتعلَّم، وقد كان الشيخ رحمه اللّه أوتي فنوناً كثيرة من
العلم، ويكاد يكون موسوعياً، بل هو كذلك.
(1)
ذكر ذلك في معرض حديثه عن قصة صلاة الاستسقاء التي طالب بها الشيخ
الطنطاوي سنة (0 96 1 م) حينما اصاب البلاد قحطٌ وجفاف، فأراد إقامة الصلاة
بسفح جبل قاسيون، فعارضه كثير من الناس والعلماء؟ لأن هذا الجبل يقيم فيه
(الوهابية) صلاة العيد، فحاول الشيخ الطنطاوي إقناعهم ومعه الشيخ الزرقا إلا
أنهم لم يسمعوا، ولم يقبلوا، فثار الشيخ الزرقا وغضب غضبأ شديداً
فأسكتهم، راجع ذكريات: 6/ 5 3 بتصرف.
86