وفي درسه (1) كان كالإمام أبي حنيمه رحمه اللّه، يطرح القضية،
وخاصة التي تحتاج إلى بحث وتعمُّق، ثم يستمع للإجابة من الطلبة،
وغالباً ما يخطئون، ولا يوفّقون إلى الإجابة الصحيحة، فيأتي دون تعنيف
أو تعيير فيبدأ بشرح القضية وحلّها بروح ابوية، تدل على عظيم منزلته
العلمية والخلُقية، رحمه اللّه.
ولم يكن الشيخ متعصباً لرأيه إذا ظهر له الحق في غير 5، وهذا من
خُلُق العلماء الكبار، بل كان يقدِّر الحوار العلمي، ويقدّر الرأي الاَخر،
ولو من تلميذ 5، كما أنه لم يكن متعصّباً لمذهب، بل كان الحق رائد 5،
ولهذا ترا 5 يرجِّحُ ويتبنّى اَراء من خارج المذهب الحنفي.
ذكر حديثاً ذات يوم - ولعلَّه من أحاديث (الجامع الصغير)
للسيوطي، فذكرتُ له أنَّ هذا الحديثَ غيرُ ثابت أو ضعيف، ولا يحتجُّ
به (2)، دمال: وما دليلك على هذا؟ فأحضرتُ له المصادر، فقال للطلبة:
"سجِّلوا أنَّ هذا الحديث لا يُحتجُّ به كما قال علماء الشأن (3)، وجزاك اللّه
خيراً". وفي الاختبار النهائي سأل سؤالاً فأجبتُ بغير ما رجَّحَ رحمه اللّه
في الدرس، وذكرتُ الأدلة والحجج التي استطعتُ سَوْقها، فقبل
المخالفة والمناقشة دون أن تتأثر الدرجة.
ومن أخلاقه وشيمه انَّه كان يقدِّر الاَخرين، وينزل الناس منازلهم،
فيحترِمُ العلماء، ويذكرهم بخير، ويقول لمن احسنَ: أحسنت.
(1)
(2)
(3)
في الدراسات العليا، والمثال كان من تدريسه لمادة (القياس) لطلبة الماجستير
في الجامعة الأردنية.
لم أسجّل هذه الحادثة بعينها خلال المذإكرات التي كنت أكتبها خلال الدرس
لأنها كانت عارضة.
ممن نقلتُ عنهم الحكم على الحديث.
87