كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

عبارات تعبتُ عليها، وانتقيتُها حتى تؤديَ المعاني التي أريد، وأشك انك
تستطيع أن تعبّر عن هذه المعاني بلغتك ". كان هذا على سُلَّم (درج (كلية
ا لحقوق سنة (0 6 9 1 م (تقريباً. سمعتْه أذ نا ي، وأ بصرتْه عينا ي، ووعاه قلبي.
نعم كان دقيقاً في وضع الأسئلة، دقيقاً في تصحيحها، يتحرَّى
العدل، وإعطاء كلّ ذي حقٍّ حقَّه.
ويبدو انَ وصفه بصفة (التشدد) هذه قد وصلت إلى مسامعه، وهو
في الجامعة الأردنية، فأراد أن يتثبَّتَ من هذه المقولة أولاً، فإذا ثبت شيء
منها يقوم بتعديله، وإنصاف المظلوم من الطلبة، وتنفيذاً لهذا التوجه
أرسل في طلبي في أحد الأيام، وبثّ لي شكوا 5 عن هذه المقولة التي تألَّمَ
منها، وهي في الحفيقة وسامُ شرفٍ على صدره، وطلب مني أن أراجع
اوراق امتحانات الطلبة التي قام بتصحيحها بنفسه، بطريقة تدل على
تحرّيه العدل؟ حيث أعطاني الأسئلة، ثم الجواب النموذجي لكلِّ سؤال،
بحيث حُدِّدَتْ علامةُ كلّ نقطة في الجواب، سواء كتب الطالب كثيراًا و
قليلاً، المهم توافر عناصر الجواب، ثم قال لي بما معناه: لقد صحّحتُ
كل الأسئلة، ووضعت العلامة لكل سؤال على ورقة الطالب، فإذا وجدت
انّ العلامة الموضوعة صحيحة، فضع دائرة على العلامة الموضوعة،
بمعنى أنّ تقديري موافق لتقدير 5، وإذا رأيتَ أن الطالب يستحق أكثر،
وانه مظلوم في التفدير، فضع علامتك بجانب علامتي بفلم الرصاص،
لأقوم بإعادة التصحيج، وإنصاف الطالب.
لقد فعلتُ ما طلبَ وكنت خائفاً - في الوهلة الأولى - من أن تكون
علاماتي المقدَّرة أكثر بكثير مما قدَّره الشيخ للطلبة، ولكني وجدتُ أنّ
أستاذنا كان في صف الطالب، وكانت تقديراته لإجاباتهم اكثر مما قدّرت
في الغالب، او مساوية، ونادرا ما كنتُ أضع علامة أكثر مما وضع رحمه
اللّه.
91

الصفحة 91