وفي الفقه الحنفي كانت له اجتهادات خاصة، وترجيحات بين
اقوال علماء المذهب وفتاويهم، كما في مسألة تقسيم العقد إلى باطل
وفاسد، وتطبيفها على الأحوال الشخصية (عفد الزواج ((1) وغيرها.
وإذا كان جد أستاذنا ووالده ممن كان يرجع إليهم في الفتوى، وحل
المشكلات المستعصية، ممّا يتعلَّق بالبحث الفقهي في المذهب الحنفي " فإنَّ
أستاذنا رحمه اللّه قد ورث هذه المرجعية، وهذا التبحُّر، الذي لم نكن نحسُّ
به، ونعرف قيمته -في هذا ا لعصر ا لذي اختلطت فيه ا لأمور- لولا تلك العبارات
التي لا نفهمها، ولا نعرف كيف نتعامل معها، ونحن نقرأ في بعض مصادر
المذهب المتوافرة إ لا إذا ذهبنا إ لى استاذنا وسأ لناه، بعد أن نكون قد سألنا غيره
فلا نجد الجواب ا لشافي، والإجابة الصحيحة إ لا عنده رحمه اللّه.
وإذا كان الشيخ قد درس المذهب الحنفي، إلا أنه قد اطَّلع على
المذاهب الأخرى، وأفاد منها، واحال إليها، خاصةًالمالكيَّ،
والحنبليَّ، والشافعيَّ، ومَنْ طالع كتبه تأكّد له ذلك.
ولهذا السبب كنا نرى الشيخَ موسوعة في الفقه المقارن، وليس في
الفقه الحنفي فقط، وإن كان في المذهب الحنفي أثبتَ وأعلمَ.
ب - القانون: وعلى وجه الخصوص القانون المدني وقانون
الأحوال الشخصية، والشيخ رحمه اللّه لم يكن على دراية بالقانون
والتأليف فيه فحسب، وإنما كان ذا مفدرةٍ عجيبةٍ على صياغة الفوانين
وتقعيد قواعدها وموادها. ومعلوم أن الشيخ قد مارس المحاماة، ودرَسَ
في معهد الحقوق على كبار أساتذة القانون، الذين تركوا بصماتهم في
(1)
انظر إشارة إلى هذا: ص 736 - 737 من الجزء الثاني من المدخل الفقهي،
ط. دار القلم. وهذه المسالة أفردها الشيخ رحمه اللّه ببحث مستقل نشرته مجلة
(المسلم المعاصر!.
93