كتاب مصطفى أحمد الزرقا فقيه العصر وشيخ الحقوقيين

على اللّه بغير علم، ولكننا نقول لمن بلغ مرتبةً توازي مرتبة الزرقا، وتبحّر
في علوم الفقه والأصول، وما يساندها من علوم، ووصل بعد بذل الجهد
إلى راي مدعَّم بالدليل، يجعله معتقداً لصحة هذا الرأي أو ذاك، فينبغي له
أن يعلنَ عن هذا الرأي إذا سُئل، ومن هنا عرف شيخنا وتميَّز بجملة من
ا لاراء والفتاوى نختار منها أهمها:
المسألة الأولى: إباحة التأمين، وقد ذكرنا عند التعريف بكتابه عن
التأمين، أنَّ الشيخ رحمه اللّه قُرن اسمه بالتأمين وهو يصرِّحُ بهذا، ويفتي
به، في كتابه عن التأمين، وفي فتاواه (ص 1 0 4 - 1 2 4).
والشيخ رحمه اللّه قد اباح التأمين بأنواعه: التأمين على الأشياء،
وضد المسؤولية، والتأمين لما بعد الموت (1)، الذي يسمونه خطأًالتأمين
على الحياة (الفتاوى، ص 9 0 4).
(1)
يقول الدكتور محمود عبيدات: قال لنا شيخنا رحمه اللّه بعد محاضرة ألقاها في
مدرج جامعة دمشق سنة (961 أم) عن التأمين: إنه كان في بلد أجنبي وأرادوا
ركوب الطائرة هو ومَنْ معه، فأمَّن هؤلاء لما بعد الموت، وبقي هو، فقال: لقد
عرضتُ هذا على ما أعلمه من الدين والفقه فلم أجد ما يمنعه، وقد تراءى لي
أطفالي وكانوا صغاراً، فقلتُ في نفسي: من لهؤلاء إذا متُّ؟ ففعلتُ كما فعل
أصحابي وأنا مطمئن. وفي هذه المحاضرة كان الشيخ هو المجلِّي، وعارضه
الشيخ محمد أبو زهرة رحمه اللّه، فقال له الشيخ الزرقا: أنت تبيج التأمين على
السيارات فلماذا تمنعه على غيرها؟ فقال أبو زهرة: أشهدكم أني قد رجعت عن
قولي في إباحة التأمين على السيارات. ففال الشيخ الزرقا: هذا رجوع كيدي
عندما لزمتك الحجة، ولم يقبل منه. وكنت قد قلت له رحمه اللّه: يا أستاذ
عقولنا معك وقلوبنا مع الشيخ أبو زهرة، فأعاد بعض ما قال في محاضرته ولم
يغضب، إذ لم يترك شبهة أوردها المخالفون إلاَّ فنَّدها ودحضها، وكان قوي
الحجة، عظيم البجان، فارس الميدان، رحمه اللّه. ثم صارت المحاضرة كتاباً
حمل عنوان: عقد التأمين، ثم نظام التأمين. انظر: ص 16 1 الاتية.
95

الصفحة 95