كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
وكان الجواب: "إنّ مِنَ المسلَّمِ أنَ كثيراً ممّن حكى عنهم الفرانُ لم
تكن لغتُهم عربية، ولكن لا يلزمُ في الحكايةِ أن تكونَ بنفسِ الألفاظِ التي
تكلَّم بها المحكي عنه، فجاز ان تكون الحكايةُ عنهم باللغة العربية، وإن
لم ينطقوا بها، فتكونُ الجملُ المحكية عن يعقوب عليه السلام وغيره من
المخلوقاتِ في القرآن باعتبارِ الحكاية، والعبارةُ التي وقعت بها تلك
الحكاية كلامُ اللّه تعالى ".
ثمَّ تطزق الشيخُ إلى حروف الهجاء في العربية، وأنّ منها تتكوّن
الكلماتُ، وأنَّ من الكلماتِ تتكون الجمل، وهذه اجزاءُ كلِّ مؤلَفٍ وِفْقَ
ترتيبٍ لها خاص، وخلص من ذلك إلى أنَّ الكلام يسسَبُ للذي رتّبه بملكته
فقط، دون مَنْ تكلّمَ به بعدَ ذلك. . ولأنّ للحقِّ جلَّ شأنه صفةًازليةً تسمّى
صفةَ الكلام قائمة بذاته، وهذه الصفةُ تعلّقت بترتيبِ كلامِ الله النفسي الأزلي
الذي ليس بحرف ولا صوت (1)، ثم لمّا بعث اللّه محمّداً مج! ي! انزل! اللّه عليه
الفاظَ الفرآن، التي هي حروفٌ وأصواتٌ خلقها على لسان جبريل عليه
السلام مرتبةً بقدرته بهذا الترتيب الخاصّ، على وفق الكلام النفسي الأزلي
الذي ليس بحرفٍ ولا صوتٍ، فكان جميعُ القرآن بهذه الألفاظ، وهذا
الترتيبُ الخاصُّ هو كتابُ اللّه المنزل! على محمد! ك! يوّ باعتبارِ انَّ اللّه جلّ شأنه
هو الذي رتبه بهذا الترتيب الخاصّ بصفته الأزلية بدون مدخل لأحد من
الخلق في ذلك، ولا يخلّ بنسبة ذلك إليه سبحانه تكلُّمُ غيره به بعد ذلك. .
(1)
قلت: الكلام النفسي لا يوجد عليه دليل لا من الكتاب ولا من السنة،
وهو داخل في قوله تعالى: " وَلَا لَقْفُ مَا ليَشَ لَكَ بِهِءعِقؤ" ا الإسراء: 136
ودلّه در الشيخ محمد بخيت المطيعي حين قال في ص (149) من هذا
الكتاب: "إن الحق الذي نعتقده عدم الخوض في ذلك، لأن كنه الصفات
ككنه الذات لا تحيط به العقول، ولا ينبغي أن يبحث عنه، ولا يفكر
فيه، بل إنما يبحث في الآثار" (ن).
123