كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
وحرص الشيخُ على أن يدعم ما ذهب إليه بذكر طرف من النصوص
التي قال بها بعضُ المتكلمين، وخاضَ في بعض ما اختلفَ فيه الفلاسفةُ
والمتكفمون من مفاهيم، ثم أثارَ اعتراضأ جاء فيه:
" فإنْ قيل: كيفَ تكونُ كلماتُ القرآن وألفاظهُ التي نقرَؤها مرتبةً بترتيبٍ
يوافِقُ ترتيب الكلمات النفسية الأزلية التي هي الكلام النفسي (1) الأزلي مع
أنّ المخلوقات التي حكى القران أقوالهم وافعالهم التي صدرت منهم، لم
يكونوا أزلاً، ويستحيلُ أن يكون شيلمح! منهم او من أقوالهم وأفعالهم
أزليأ؟.
كان الجوابُ أنَ الكلماتِ النفسيةَ التي هيَ الكلامُ النفسيئُ صور! علمية
موجود! في علمه سبحانه أزَلاً بترتيبها الخاصن بها، الموافق لترتيب ألفاظ
القرآن المقروءَ، ولجميع المخلوقات أيضأ من ذواتٍ وأعراضٍ وأقوالٍ
وأفعالٍ صور! علمية موجودةٌ في علمه تعالى توافِقُ ما هيَ عليه عند
وجودِها فيما لا يزالُ، فكان الكل باعتبارِ الوجودِ العلميئ متحققأ أزلاً في
علمه تعالى، فيكونُ لكل من المحكي عنهم من المخلوقات في القران،
ومن الحكايةِ والكلامِ المحكي باللغة العربية التي عترَ بها المحكي باعتبار
اللغة التي عتر بها المحكي عنهم، وباعتبار اللغة التي عبَّر بها القرآن في
الحكاية وقت حكايته عنهم صورة علمية ووجود في علمه تعالى أزلاً".
وقال الشيخ في ختام هذه الرسالة: "وبما حرّرنا لك على وجهٍ ما سبق
تنزاحُ عنك الشبه المذكورةُ وغيرُها ممّا يردُ على القرآن الكريم من أمثالها،
فخذ ما آتيتُك، وكن من الشاكرين، واللّه اعلم ".
إن هذه الرسالة على وجازتها آيةٌ على عقلية علمية تحدّثت عن مسائل
(1)
الكلام النفسي: اصطلاح يوناني قال به ارسطو، ولم يعرفه العرب،
هانما يسفى ما في النفس عند العرب كلاما مجازاَ لا حقيقةَ (ن).