كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
"إنّ مزاياه جليلة، ومنافعه كثيرة، ومناهله عذبة، وهو ما تدعو
الحاجة إليه في معرفة مناطق الارض وأقسامها وأحوالها، وما فيها من
المناطق الحارة جدّأ، والمناطق الباردة جدّاً، والمناطق المعتدلة،
وأسباب كلِّ ذلك، وكما يعرف ذلك يعرف مناطق السماء التي هي
الأصلُ، ومناطق الأرض تابعةٌ لها، ويعرف أطوال البلاد وعروضها،
واختلاف الاوقات فيها، واختلاف الليل والنهار طولاً وقصراً، ووجوداً
وعدمأ، وما يترتّب على ذلك من اختلاف المطالع، وأوقات العبادات،
وأحكام المواريث، فيعرفُ مَنْ تقدّم موته ومن تأخر إذا مات اثنان ا و
أكثر، وبينهم سببٌ من أسباب الإرث في وقتِ الزوال، وأحد الأموات
في المشرق والاخر في المغرب، ويعرفُ كيف يهتدى بالنجوم في ظلمات
البر والبحر، وغير ذلك مما يطول شرحه.
وبالجملة فالذي يطلع على علم الهيئة الارضية والأجرام السماوية كأنّه
ساحَ في اقطار السموات والارض، وجابَ السهل منها والحَزَن، ووقف
على كثيرٍ من الأسرار الإلهية، والحكم الربانية، التي أودعها اللّه في
أجزاء الأرض ومعادنها وفي الكواكب ومداراتها وحركاتها، ذلك تقدير
العزيز العليم " (1).
ج - أسباب الاختلاف بين علماء الهيئة:
ارجع الشيخُ اسبابَ الاختلاف بين علماء الهيئة عبرَ التاريخ إلى
اختلاف الات الرصد، فما وُجِدَ منها في زمن الذين رجعوا إلى طريقة
فيثاغورس لم يكن موجودأ في، زمن البطليموسية، كما أنَّه يوجد منها الاَن
ما لم يكن موجوداً في زمن غاليلو، ولذلك اكتشفوا من السيارات مثل
(1)
انظر: كتاب علم الفلك، صفحات من التراث العلمي العربي الإسلامي،
للدكتور يحيى الشامي، ط. دار الفكر العربي ببيروت، 1997 م (ن).
137