كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

قال إمام الحرمين في "البرهان ": ذكر القاضي أبو بكر (1): أنَّ الأصوليَّ
الماهرَ المتصرِّفَ في الفقه يعتَبرُ خلافُه ووفاقُه.
والذي ذهبَ إليه الأصوليون خلاف ذلك، فإنّ الذي وصفه القاضي
رحمه الله ليس من المفتين، ومَنْ لم يكن منهم، ووقعت له واقعةٌ، لزمه
أن يستفتيَ المفتين فيها، فهذا إذأ من المقلّدين، ولا اعتبارَ بأقوالهم،
فإنّهم تابعون غيرَ متبوعين، وحملةُ الشريعةِ متبوعون، والمقلِّدون فيها
تبعٌ. ا هـ.
ولعلّ الإسنويَ اغترَّ بقول القاضي: "الأصوليّ الماهر المتصرف في
الفقه يعتبَرُ خلافه ووفاقه " ففهم من ذلك المتمكن من الاجتهاد في الفقه من
انّه لش! كذلك، كما هو صريحُ عبارة إمام الحرمين في " البرهان " ولا يلزمُ
من كونه ماهراً متصرِّفأ في الفقه أن يكون مجتهدأ عنده ملكةُ استنباطِ
الأحكامِ العمليةِ الشرعيةِ من ادلتها التفصيلية " (2).
فالشيخ في هذه الحاشية أخذَ بمنهج القدماء في التعليق والشرح
والإضافة، فهو في كلّ ما علق به لا يخرجُ عمَّا اشتملت عليه المؤلفات
الأصولية للمتقدمين والمتأخرين من اراء، وإن كان له دوره في الترجيج،
والإضافات المفيدة، وجاء الأسلوبُ - وإن كان متأثرا بأساليب هذه
المؤلفات - يحمِلُ مسحة من لغة العصر في التعبير والتيسير.
(1)
(2)
1 1 - البدر الساطع على جمع الجوامع:
كتابُ "جمع الجوامع " لتاج الدين السبكي (ت: 771 هـ) من الكتب
أبو بكر الباقلاني الإمام المشهور (ن).
انظر: نهاية السول مع سلم الوصول، ص 918 - 919، ط. المطبعة
السلفية بالقاهرة.
147

الصفحة 147