كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
وقيل: إنّ هذه الاَية في غير أهل الذمة، والأُخرى في أهل الذمة، فلا
نسخ، قال القاضي في تفسيره: لو تحاكم كتابيّانِ إلى القاضي، لم يجبْ
عليه الحكمُ، وهو قولُ الشافعي، والأصجُّ الوجوبُ إذا كان المترافعان
او احدُهما ذميّأ، لأنّنا التزمنا الذبَّ عنهم، ودفعَ الظلم عنهم، والاَيةُ
ليست في أهل الذمة، وعند ابي حنيفة يجبُ مطلقأ".
ثم فضلَ القولَ في آراء الفقهاء في إجراء احكام الإسلام على اهل الذمة في
البيوع والمواريثِ وسائرِ العقود، ولخصَ في نهاية الرسالة هذه الاَراء فقال:
"فتلخّصَ من جميع ما ذكرنا أنَّ مذهب المالكية: اشتراطُ مرافعة
الخصمين ورضاهُما بأحكامنا مطلقأ؟ ذمّيَّيْنِ كانا أو معاهَدَيْنِ، او أحدُهما
ذمِّيّ والاَخرُ معاهَدٌ، بناء على أنَ حاكم المسلمين مخيَّر بين الحكم
والإعراضِ إن ترافعوا إليه في الأنكحة وغيرها من حقوق اللّهوحقوق
العباد.
هان كان أحدُهما مسلمأ والاخرُ ذميّأ أو معاهداً وجبَ الحكمُ بأحكام
ا لإسلا م.
ومذهبُ الشافعية: إنْ كانا ذمّيَّيْنِ متفقي الملّةِ فقولانِ، اصحُّهما
وجوبُ الحكم بينهما بحكم الإسلام مطلقأ في الأنكحة وغيرها من حقوق
اللّه وحقودتى العباد.
وإن كانا مختلفي الملةِ فقولان، أصحُّهما القطعُ بوجوبِ الحكم بحكمِ
الإسلام، ومثلهما ذميٌّ مع معاهدٍ، ومسلمٌ مع ذميٍّ أو معاهَدٍ. . . وحيثُ
حكمنا، فإنّما نحمُ بحكم الإسلام، كلّ ذلك في الأنكحة وغيرها بلا
فرقٍ، كما انّ مذهب الشافعي انَّ كلَّ عقدٍ ولو كان نكاحأ فسد بين
المسلمين، فقد فسد بين الكفّار، وإن دانوا بجوازه.
وأما مذهب الحنفية: فقال أبو حنيفة: إنّه فيما عدا الأنكحةِ، ونفي
160