كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

ظلمأ، واغتروا بموافقتهم في ذلك لبعض مَنْ يُنْسَبُ إلى العلم من أهل
الأعصار الماضية واهل هذا العصر، ظانّين أنّه العلمُ، وجهلوا انفسَهم
وجهلو 5، وما دَرَوْا وليتهم دَرَوا. . . حتى خاضوا في مسألؤ فرغَ منها
العلماءُ المتقدّمون والمتأخرون، وبيّنوا فيها الحقَّ بالبراهين، فجاء هؤلاء
بعد ذلك في أُخريات الزمانِ، ينشرون تلك المسألةِ بعد موتها من قبرها،
فقاموا الآن يقولون: بعدم وقوع الطلاق الثلاث بلفظ واحد أو بألفاظٍ
متبابعةٍ في مجلسٍ واحدٍ، وأخذوا ينشرون ذلك بالجرائد اليومية السيارة
بين المسلمين ".
واخذ الشيخُ بعد ذلك على هؤلاء الذين يقولون بعدم وقوع الطلاق
الثلاث بلفظ واحدٍ أو بألفافي متتابعةٍ في مجلسٍ واحدٍ أنّهم يظنّون بما ذهبوا
إليه انهم ينصرون الدين، ويتمسّكون به، ونسُوْا انّ نصرةَ الدِّين
والاعتصامِ بحبله تكونُ باتِّباع ما أجمعَ عليه الأئمةُ إذا اتفقوا، واتباع
ما عليه الأكثر إن اختلفوا، لأنّه اقربُ إلى الصواب ".
ثم يقول: "ولما رأيتُ امرَ هؤلاء قد تفاقمَ، واكثروا مِنْ نشرِ المذاهب
الشاذّة المتروكة، وخشيتُ أن يغترَّ بِزُخْرفِ قولهم بعضُ العوام، كان مِنْ
أهمِّ المسائل التي خاضوا فيها، وأحيوا فيها ميّتَ البدعةِ مسألة الطلاق
المذكورة، لتعلّقها بكلِّ طبقات الناسِ؟ أردتُ ان أذكرَ لك ما قيل في هذه
المسألة، مع بيان ما هو الحق على القدر المستطاع؟ لتكونَ على بصيرة
من نفسِك وتفتيها، ولو أفتاك المفتون، وتتدارك في يومك ما فاتك في
امسِكَ، ولا تغترَّ بقولِ ذي جنّؤ مفتون.
وقبل الشروعِ في المقصودِ أذكرُ لكَ ثلاثَ مقدمات تزيْدُكَ بيانأ
وتحصيلأ للمطلوبِ:
المقدمة الأولى: في مسائل الاجتهاد والتقليد، على وجهِ الإجمال.
162

الصفحة 162