كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

الحلقة، وكان هذا النظامُ مفتوحأ للجميع، وكانت الحلقاتُ متفاوتةَ
المستوياتِ، وكان الطالبُ الجديدُ يجلس -بإرشادِ مَنْ سبقوه - في
الحلقاتِ التي تتناسبُ مع مستواه الفكري، واستعداده العلمي، وينتقل
من حلقةٍ إلى اخرى تبعأ لتطور تحصيله، ورغبته في المواد التي يدرسها،
ولم تكن هناك قيودٌ ولا شروطٌ على الطلاب، ولكنَّ المصلحةَ وحدَها هي
التي توجههم.
وكان الشيخ في نظام الحلقةِ يجلسُ بجانب عمودٍ من اعمدة الأزهر
على خشبةٍ صغيرةٍ، أو على كرسيٍّ من جريدٍ اَو خشب، والطلبةُ حوله
على شكل حلقة بترتيب معيّن، فلكلِّ طبقؤ مكانٌ، فالمعيدون
والممتازون من الزوّار يجلسون على يمين الشيخ ويسارِه، ويجلسُ طلاّب
العلم خلفَ هؤلاء، وهناك مكانٌ لمن يحبُّ ان يسمعَ الدرس من
الطارئين، أو الذين لا يحضرون الدرس بانتظام.
والعادةُ ان يحرصَ كلُّ فردٍ على أن يجلسَ قريبأ من الشيخ، ولكنه
لا يتعدّى المكان الذي هو اهلٌ له0
وإذا كان ما يلقيه الشيخُ من محفوظاته أو مِنْ مذكّراتٍ كتبها ليقراَ منها
فإنَّ الدرس يسمّى إملاءً، وفي هذ 5 الحالةُ يبطى في الإلقاء، ويملي فِقْرةً
فِقْرةً، ويكتب الطلبةُ ما يمليه، ويعقّبُ على هذا بالشرحِ والتفسيرِ
والتوضيحِ لما غمضَ على الطلاب، وهم يدوِّنون هذه الشروح على
هامشِ اوراقهم التي كتبوا فيها الأصول.
امّا إذا كان الدرسُ يُلقَى من كتابٍ يمكن الحصول عليه، فقد كان
المتَّبع ان يحصلَ الطالبُ على نسخةٍ منه، وأن يقرأ بنفسه الدرسَ وحدَه أ و
مع أحدٍ من زملائه قبل أن يسمعَه من الشيخ، ثم يأتي الشيخُ، فيمهِّدُ
بفكرةٍ عامةٍ عن موضوع الدرس، ويبدأُ بعدَها بقراءة الكتاب، والطلابُ
يستمعون إليه، ناظرين في نُسَخِهم، ومن حينٍ إلى اخرَ يقطعُ الشيخ
17

الصفحة 17