كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

الزوج فقط من الإضرارِ العظيم بالمراةِ، فإنَّها لا تستطيع عند قدرته على
نفقة الإعسار أن تطلّقَ عليه عند الشافعية، ومع ذلك تُلْزَمُ بنفقة الإعسار مع
غناها، واعتيادها السعة في النفقة، أو تنفق على نفسها، الا ترى انَّ ظاهرَ
المذهب عند الحنفية اعتبارُ حال الزوج فقط؟. .
ولكنْ لمّا كان فيه من الإضرار بالمرأة ما لا يخفى جرت المتونُ
والشروح على خلافِ الظاهر المفتئ به، وهو اعتبارُ حالهما.
فلو كانا موسرينِ فنفقةُ اليسار، وإن كانا مُعْسِرين فنفقةُ الإعسار، وإن
كان أحدُهما موسراً والاَخر معسراً وجبَ الوسط، وهو فوق نفقة
المعسرين، ودون نفقة الموسرين، حتى لو كان الزوج موسراً يأكلُ خبزَ
الحُوّارَي ولحمَ الدجاج وغيره، وكانت هي شديدةَ الفقر، تأكل في بيتها
خبر الشعير، اطعمها خبزَ الحنطة ولحم الشاة، ولو كان بالعكس أنفق
عليها بقدر وسعه، والبافي دين عليه إلى ميسرةٍ. . كذا يؤخذ من "الدر"
وحواشيه.
فما الذي دعا اربابَ المشروع إلى العمل بما فيه الإضرار بالمراة،
فتركوا أعدلَ الأقوال، وهو اعتبارُ حالهما، مع انّهم راعوا جانبها، وجَرَوْا
على مذهب مالك، وجعلوا لها حقّ التطليق فيما هو اخفُّ من ذلك
ضرراً".
على انّ الشيخَ لم يناقش كلَّ مواد المشروع، وإنّما ما راَه يخالِفُ في
نظره الكتاب والسنة أو إجماع فقهاء المذاهب السنية الأربعة.
واهمّ ما ناقشه من مواد يتعلق بأحكام الطلاق والتفريق بسبب الضرر،
ودعاوى النسب، واكثر مدة الحمل، وحضانة النساء للصغير. .
ويُحْمَدُ للشيخِ في نقاشه الأخذُ بمبدا الرفق وقاعدةِ السماحةِ، ومنهج
العُذْرِ لمن خالفَه، وأدبِ الجدل العلمي، فهو مثلاً لم ينسب إلى واضعي
176

الصفحة 176