كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

القراءةَ ليشرح لهم لفظةً صعبةً، أو جملةً غامضة، أو فكرةً غريبةً. .
ويكتبُ الطلاّب على هامش الكتاب ما يلقيه استاذُهم من شروحٍ، وكان
من حقِّ كلِّ طالبٍ ان يسألَ عمّا خفيَ عليه أو أشكل، وكان الشيخُ يشجِّعُ
على هذا، وبخاصة إذا كانت الأسئلةُ دالّةً على تعمُّقٍ في البحث، ومع
هذا كان الشيخُ أحيانأ يقومُ مقام السائل، فيلقي على طلبته بضعة أسئلةٍ
ليختبرَ فهمهم، وليجيبَ بنفسِه على ما تعسّر عليهم الإجابةُ عنه.
ولم يكن انتسابُ الطالبِ إلى الأزهر مقيداً بشرطٍ ما، فليس هناك
اختبارٌ لحفظ القرآن الكريم، أو مدى إلمام الطالب بالقراءة والكتابة، لقد
كان مختاراً في دخول الأزهر دون قيد، وكان يتابعُ تلقي العلوم على
شيوخه وفقَ رغبته، ويقيم دارسأ ما يشاء له أن يقيمَ، حتى إذا آنسَ مِن
نفسه علمأ كافيأ، وملكة يستطيعُ بها ان يفيدَ غيره؟ استأذن شيوخه،
وجلسَ مجلس المعلِّم، ولكنّ طلابه كانوا يمطرونه بأسئلةٍ كثيرة، فإن
استطاعَ ان يجيبَ عنها، ويقنع الذين تحلَّقوا حوله بأنّه متمكّنٌ من المواد
التي يدرّسها، فإنَّ هذا الموقفَ من الطلاب يُعَدُ بمنزلة امتحانٍ وإجاز؟
بالتدريس لمن برغب في التصدّي له.
أما إذا لم يجد الطّلابُ في المدرِّس الجديدِ كفاية للإفادة منه،
والإجابة عمّا سُئل عنه، فإنّهم ينفضّون من حلقته، ويعودُ هذا المدرِّس
إلى حيث كان طالبأ يتلقّى العلمَ في مجالس الشيوخ.
فالامتحانات والإجازاتُ كانت في الفترة الأولى في تاريخ الأزهر منحةً
من التلاميذ لأستاذهم، أو شهادة منهم له.
ولمّا كان كثيرٌ من طلبة الأزهر من الأرياف، وهؤلاء يعودون إلى
قراهم بعد ان يقضوا عِدّة أعوامِ في الدراسة، ويجلسون في بلادهم
مجالس المعلمين والمفتين، وليس في هذه البلادِ تلاميذ يختبرون
المدرّس الجديد، اقتضى الأمرُ أن يحصلَ كلُّ مَنْ يرجعُ إلى قريته على
18

الصفحة 18