كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

"فإنِّي قد اطلعتُ - وأنا الفقيرُ إلى مولاه، الغني بفضله عمّن سوا 5،
محمد بخيت المطيعي الحنفي - على ما جاء بهذه الفتوى، فوجدتُها
تنحصِرُ في خمسةِ اوجهٍ ".
وقد فنّد هذه الأوجه الخمسة.
وأولها: انَّ الأوقاف على الذرية لا تستند إلى ادلة من الكتاب والسنة
والإجماع والقياس، وبين ان هذا الوجه غيرُ مسلّيم، وانَ الكتاب والسنة
والإجماع والقياس تحضُّ على الأوقاف على الذرية، ولا تعدُّ هذه
الأوقاف من مُحْدَثاتِ الأمور، التي نهى عنها الرسول ع! ج!، ولا تعدُّ
صورةً من الوصية لوارث، ولا تؤدي إلى قطيعة الرحم أو الشحناء بين
الورثة، وانَّ فسادَ الزمان لا يعني إلغاء هذه الأوقاف.
ثم قال! في نهاية تفنيده لتلك الأوجه:
" فانظر إلى هذه الجراة، والتهجم على أمر مشروع اذن به النبيُّ! ي!،
وفعله الصحابة رضي اللّه عنهم، وما كان ينبغي له أن يتحدّثَ عن فساد
الزمان واتخاذه حجة، لأنّه يفضي إلى عدم الإقدام على كثير من
المشروعات، لاحتمال أن تؤدي إلى ما قاله، مثال! ذلك: إقامة الأوصياء
على اليتامى لحفظ أموالهم، أمرَ به الشارعُ، مع احتمال! تعدّي الاوصياء
على اموالهم، وهو كثيرُ الوقوع.
وامّا ما قاله فضيلة المفتي من أنَّ الوقفَ على الذرية يؤدّي إلى
الشحناء، فإنّه يقال! مثلُه في التركة بين الورثة؟ نظراً لفساد الزمان، وكثرة
المطامع، وقلة المبالاة بأكل الحقوق، بل النزاعُ والشحناءُ بين الورثة في
التركات أكثرُ منه في الأوقاف، كما هو مشاهد، فلعلّ هذا المفتي بعد
ذلك يفتي انَّ الورثة لا يرثون فيما يتركه مورّثهم، بل يكون للجهاتِ التي
جعل لها حقَّ إبطال! الوقف على الذرية ".
180

الصفحة 180