كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
الأربعة، ومزاجها الخامسُ الذي هو كلّ لها، ومركَّبٌ منها، فإن مجموعها
وُجدتْ معأ بوجود واحد، فإنّ وجودَ الأجزاء التي هي العناصرُ لا يغايرُ
وجودَ الكلِّ المركّب منها، على رأي قدماء الفلاسفة، فإنّ كلَّ جسمٍ عندهم
يشتمِلُ على العناصر الأربعة: الماء، والتراب، والنار، والهواء. .
ومرادُهم بالماص عنصرٌ بسيط، هو مبدأ البرودةِ، لا الماء المعروف، فإنّه
مركّم! كغيره، ومرادُهم بالتراب عنصر بسيطٌ هو مبدا اليبوسة، لا التراب
المعروف، فإنه مركمب أيضأ، ومرادُهم بالنار عنصرٌ بسيط هو مبدأ
الحرارةِ، لا النار المعروفة، ف! نَّها مظهر محرق يقوم بمادّةِ أخرى،
ومرادُهم بالهواء هو مبدأُ الرطوبةِ، لا الهواءُ المعروفُ، فإنّه مركَّمب،
وكلُّ جسمِ يشتملُ على مبدا الحرارة، ومبدا البرودةِ، ومبدا الرطوبة،
ومبدأ اليبوسة، ومن هذه العناصر الأربعة يتركّبُ مزاجُ كلِّ جسم.
ويكون معتدلاً إنْ لم يغلبْ أحدُها على الاَخر، فإن غلبَ أحدُها على
الاَخر منها انحرف مزاجُ الجسم، وكلُّ هذه العناصر ومزاجُها وجدت في
كلِّ جسم معأ بوجود واحد على رأيهم.
والمراد بالسبعة التي في ثوبٍ خَزٍّ وعَسْجَلإ: أيامُ الأسبوع، كما قال
الحلواني، فاذا اشرقت الشمسُ خلعت ثوب الخزِّ، ولَبستْ ثوبَ العسجد.
والمرادُ بالحواجب التي هي خمسون في وجه واحد ليالي الأسبوع في
وجه أنْهُرِه، فسبَّه كلَّ ليلةٍ في وجه نهارِها بحاجب الإنسانِ في وجهه، فإن
كلَّ ليلةٍ من ليالي الأسبوع بعضُ الدائرة اليومية، فهي قوسٌ من الظلمةِ
السوداء في وجهِ النهار الأبيضِ، والحاجبُ لكونه يشبِهُ حرف النون يسمّى
نونأ؟ قال الشاعر (1):
(1)
النون في البيت الأول الحوت والعين الباصرة والعين في البيت الثاني في البحرة
(ن).
189