كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

وفي أواخر سنة (905 أم) فُصِلَ من عمله في الحكومة، وذلك انَّ
الشيخ أصدر حكمأ في قضيةٍ تتعلّق بمحاسبة نظّار الأوقاف، وبعضُهم
يمث إلى ذوي الأمر بأوثق الصلات، ولكنّ وزارة الحقانية أبطأت في
تنفيذ الحكم، فكتب الشيخُ إلى بطرس غالي ناظر الحقانية يُعْلِمُه أنَّ
السلطة التنفيذية إذا لم تقم بتنفيذ الحكم، فإنّه لن يصدر حكمأ ما فيما
سيعرض عليه من القضايا، وسيدعو زملاءَه إلى التوقف حتى يتمَّ التنفيذُ
الفوري، وإزاءَ هذا الإصرار على محاسبة نظار الأوقاف ايّأ كان مركزهم
-ولم يصغِ الشيخ إلى رجاء راجٍ، او شفاعةِ شافعٍ - لم تجد الحكومةُ بدّاً
من إقالته، مختلقةً عِللاً لا اصل لها! وظلَّ خارج الوظيفة مع كفاءته،
ولزم بيته من سنة (5 190 - 907 أم).
وفي هذه الفترة التي لزمَ فيها بيته جاء إليه مدير شركة اجنبية كبيرة
يستعين به لدى القاضي يحيى افندي، لإجازة استبدال اعيان وقف
للشركة، ولجهة الوقفِ فيها مصلحةٌ، على أن تعطيه الشركةُ نظير تعبه في
هذه الشفاعة سهومأ من سهومها تساوى (150) ألف جنيه مصري، فقال
لمدير الشركة: هل كنت تعطيني شيئأ من ذلك الذي تعرضه لو لم تكن بيني
وبين قاضي مصر صلة؟ فقال: لا، قال: هذه رشوة لا اقبلُها، وطال
الحوار بين الشيخ ومدير الشركة على غير طائل.
وقد سمع لورد كرومر هذه الحادثة من فم مدير الشركة، فأيقن انَّ
الأقوال التي لُفِّقَتْ له عن سبب إقالة الشيخ داحضة، وانّه حين سأل عن
سبب عزله اختُرِعت له أسبابٌ غير صحيحة. . ومن ثَمَّ طلب إلى ولاة
الأمور إعادة هذا القاضي، فعيّن رئيسأ لمحكمة الإسكندرية.
وفي سنة (912 أم) نقل إلى إفتاء نظارة الحقانية، وأحيل عليه قضاء
مصر نيابة عن القاضي نسيب افندي، ثم اُحيل عليه مع إفتاء الحقانية
رئاسة التفتيش الشرعي بها. .
25

الصفحة 25