كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
الفتاوى، لا يزالُ رجال الدين إلى اليوم يرجعون إليه في الوقوف على
المعضلات الشرعية ".
وهذا التوجيه من سلطان البلاد يدكُ على اهتمامه بمنصب الإفتاء،
ومعرفته السابقة في حلبة الفتوى من العلماء، وقارى الفتاوى المهدية
مقارنةً بفتاوى الشيخ محمد بخيت يلمسُ الشبه القريبَ بين الاتجاهين؟
لأنَّ الشيخين الكبيرين يهتمّان بالنصوصٍ المدونة لأئمة التشريع،
ولا تكادُ ترى غير النصوص أمامك متتابعة حتى يجيء التعقيبُ النهائي
مرجحأ رايأ على رأي (1).
لقد عُيّن الشيخ محمد بخيت مفتيأ للديار المصرية في (9 صفر سنة
333 اهـ- 21 ديسمبر سنة 914 ام (، وظلَّ يشغلُ هذا المنصب العلميَّ
الرفيع إلى أن بلغ سن التقاعد في عام (921 ام (، وقد أصدر خلال هذه
السنوات نحو (28 0 2 (فتوى (2).
ولم يَحُلِ العملُ في القضاء -على كثرةِ مسؤولياته - بين الشيخ
والإفتاء، والتدريس والتأليف والمحاضرات العامة والخطابة
والمناظرة.
امّا الإفتاء فلأنَّ شهرته العلمية -قبل أن يتوثى منصبَ مفتي الديار
المصرية - كانت قد طبّقت العالم الإسلامي جميعه في شتى ربوعه من عربيّه
وعجميّه، فلا غَرْوَ أن يُرجع إليه فيما يجدُّ من أمورٍ تتصل بالدين، فسيل
الخطابات المنهلّة من الشرق والغرب لا ينقطعُ عن بريده، والرجل مجاهِد
دؤوب، يعلمُ أنَ النكوصَ عن الإفتاء لدى مَنْ يملِكُ فقهه تقصيم في دين
(1)
(2)
انظر: النهضة الإسلامية في سير اعلامها، للدكتور محمد رجب البيومي:
3/ 331، ط. دار القلم.
انظر: كلمة عن دار الإفتاء المصرية، ص 34، ط وزارة العدل المصرية.
27