كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

اللّه، وقد اعدَّ نفراً من شبان العلماء ليساعدو 5 في تسطير الفتوى حين تكلُّ
يده عن التسطير، بل إنَّه وظَّف ثلاثةً مِنْ هؤلاء لهذا الغرض ذاته، لهم
أجرهم المقتطعُ من معاشه (1)، وبخاصة بعد انتهاء مدة الخدمة الرسمية في
الدولة، فقد ظلَّ إلى آخر يوم في حياته يفتي ويراجِعُ ويعدِّل فيما يفتي به،
فقد قال عنه احدُ تلاميذه في آخر فتوى له، وهي عن الرقِّ في الإسلام:
"وقرآلها عليه في سريره قبيل موته بيوأواحل!، فأقرّها وعدَّل فيها كعادته،
وامر بتسويدها ليمهرَها بتوقيعه لترسلَ إلى مصدرها" (2).
ولم ينقطع عن تدريس العلوم الإسلامية النقلية والعقلية لطلبة العلم
الشريف من يومِ ان نال شهادة العالمية، إلى ان توفي، أي: إنّه لازمَ
التدريس اكثر من ستين سنة، فإذا كان عمله في القاهرة او بلد قريب منها
كان تدريسُه للعلم بالقاهرة، وإذا كان في بلدٍ بعيد كان درسه بذلك البلد.
وقد قام بتدريس الكتب المطولة في علوم التفسير، والحديث،
والفقه، وأصول الفقه، والتوحيد، والفلسفة، والمنطق، وغير ذلك،
وتخرّجَ على يديه كثير من افاضل العلماء الذين نفعوا الأزهرَ الشريف
بعلمهم وفضلهم، كما كان لهم دورُهم الرائد في نشر الثقافة الإسلامية،
والتصدّي للقوى المضادة للأحكام الشرعية، ومن هؤلاء: الشيخ حسنين
محمد مخلوف الذي خلف الشيخ عبدالمجيد سليم في منصب مفتي
الديار المصرية (1299 - 372 اهـ- 1882 - 954 ام)، وصاحب
المؤلفات والدارسات العديدة في علوم القرآن والأحكام الفقهية (3). . .
(1)
(2)
(3)
انظر: النهضة الإسلامية في سير أعلامها، للدكتور محمد رجب بيومي:
3/ 328.
انظر: مجلة الإسلام، عدد (18)، من شعبان سنة 354 أهـ.
انظر: مقدمة نهاية السول في شرح منهاج الأصول، وكلمة عن دار الإفتاء
المصرية، ص 4 4.
28

الصفحة 28