كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
ولم يعرف الشيخ في حياته منذُ أيّام الطلب في الأزهر إلى وفاته غيرَ
الجِدَ والبحث والدرس، وتراثُه العلمي من الكتب والفتاوى والبحوث
والمحاضرات -فضلاً عن مشاركاته الإيجابية في المجالات السياسية
والاجتماعية - خيرُ برهانٍ على ذلك، فلولا أنَّ صحته كانت جيدة،
وهيّات له القيامَ بهذا الجهادِ العلميئَ المجيد ما ترك للأمة تلك المؤلفات
والفتاوى والدراسات الجمَّة.
ولأنَّ الشيخ المطيعي تجاوز عمرُه الثمانين، فقد انتخرت أسنانه،
ولم تعد قادرةً على قضم الطعام ومضغه، ومن ثَمَّ اضطر إلى تركيب
طاقم اسنان صناعي، ومفا يروى عن فراسته وذكائه انّه حين ذهبَ إلى
عيادة طبيب الأسنان، وقدّم مساعدُ الطبيب الطاقمَ للشيخ، فلمّا
وضعه في فمه، واطمأنّ إلى انّه لا يسثبُ له المأ، أراد أن ينظرَ في
المراة ليرى صورةَ الطاقم في فمه، فطلبَ من المساعد أن يُحْضِرَ له
مرآة، ولكنَّ المساعد قال: لا توجدُ في العيادةِ مراَةٌ، فقال له الشيخ:
اخرج يا موسى - وكان يهوديّأ- المراَةَ من جيبك، وفوجى مرافقُ
الشيخ بأنّ موسى يخر! جُ مِراَة من جيبه، فنظرَ فيها الشيخ، ثم ردّها إلى
موسى، وهنا سأل المرافقُ الشيخَ: كيف عرفتَ أنَّ موسى يحمِلُ مرآةً
معه؟.
فقال الشيخ: الا ترى أنَّ شعر راس موسى كثيفٌ ومرجّل، فهو لهذا
يحمِلُ مرآةً ومشطأ، حتى يحفظَ على شعره تسريحه وجماله (1).
يمكن من خلال تطوّر مراحل حياة الشيخ، وما أشار إليه مَنْ ترجموا
(1)
أخبرني بهذه الوإقعة الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية.
38