كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
بارزةً في شخصية الشيخ، وظلت هذه السمةُ ملازِمةً له طيلةَ حياته حتى
اللحظاتِ الأخيرة من عمرِه.
ويروي عنه بعضُ من تتلمذَ عليه وعمل معه انّه كان لا يكتفي بمراجعة
اربعة عشرَ كتابأ في الفتوى الواحدة، وكان يقول لهذا التلميذ: "لقد
علّمتني الكسلَ، فقد كنتُ قبلاً أراجع في الفتوى الواحدة عشرين كتابأ
على الأقل " (1).
ويشهدُ للشيخ بتقواه ودفاعه المجيد عن الإسلام ما واجه به بعض
المستشرقين، ومن سارَ على دربهم من أشباه المسلمين، فقد ردَّ في كتابه
"تنبيه العقول الإنسانية لما في آيات القرآن من العلوم الكونية والعمرانية"
على المستشرق الفرنسي " أرنست رينان " ما جاء عنه من افتراءات وأباطيل.
لقد فنّدَ الشيخ في هذا الكتاب الذي ألّفه بعد أن جاوز الستين من عمره
كلَّ مزاعم الاستشراق عن المعجزة القرآنية، ونبيِّ الإسلام الخاتَم،
مؤكّدأ انَّ القرآن الكريم كتال! لا يأتيه الباطلُ مِنْ بين يديه ولا مِنْ خلفه،
فهو رسالة الهداية للتي هي اقوم، والحضارة الإنسانية الخالدة، تلك
الحضارةُ التي أنقذت اوروبة التي كانت تعيشُ على فتات علوم الإغريق من
غياهب العصور الوسطى، وفتحت لها أبوابَ التطوير والتجديد، وإن
جحدتْ فضلَ الحضارة الإسلامية عليها بعد ذلك.
ومما يدلُّ على غيرة الشيخ الإسلامية، ودعوته إلى تطبيق احكام
القرآن، لأن هذا هو السبيلُ لعودة العزّة والقوة للأمة، ما جاء في كتابه
"تنبيه العقول "، قال: "فعلّةُ تقهقر المسلمين في الشرق في إفريقية وغيرها
في هذا الزمان إنّما هو عدمُ تمسُّكهم بالدين، وإقامةِ شعائره، وعدم
(1)
انظر: مجلة الإسلام، العدد الصادر في (5 شعبان سنة 354 أهـ)، ص
21.
40