كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
وقوفِهم على علوم القران حتى كادوا يصيرون كأهل أوروبة أجانبَ من
الدين.
ولو اعتنَوْا بعلوم القران وفلسفة الإسلام، وتمسَّكوا بالدين، لعادوا
أسيادَ الغرب كما كانوا اولاً" (1).
وحين كان عضوا بلجنة الدستور المصري أصرَّ على ان يتضمَّن
الدستور أنّ دين الدولةِ هو الإسلامُ، وأدلى بالحجة الدامغة للاعتراض،
ثم كان من أوائل مَنْ قرّروا أنَّ الأمةَ مصدرُ السلطات، ودافع عن ذلك كاتبأ
ومتحدثأ (2).
وإذا كان الشيخ من حيث تقواه وإخلاصه في العمل كما أومأتُ اَنفأ،
فإنّه بلا مراءً يتمتّعُ بعزّةِ النفس والشجاعة في الدفاع عن الحق؟ لأنَّ الإيمانَ
الصادقَ يمنجُ صاحبَه عزَّة لا تعرفُ المهانةَ، عزّةً تتأبّى على الخضوع
للأهواء مهما يكن مصدرُها، وتعتصمُ دائمأ بالحقِّ، فلا تخشى في
الانتصار له لومةَ لائم، أو سطوةَ ظاليم، وما سبق من الإشارةِ إلى موقفه
من تدخل الخديوي لديه ليقضيَ لصالح عَمّه، ومن موقفه كذلك مِنْ ناظرِ
الحقانية لمماطلته في تنفيذ الأحكام القضائية، أوضجُ برهانٍ على عزّة
نفسه، وصلابته في الذود عن الحقِّ، وعدم الرضوخ لأيِّ رجا! او شفاعةٍ 00
أمّا عن عفته عن أخذ المال دون وجه مشروع، ف! نّه فرعٌ عن ورعه
وتقواه، فالمؤمن التقيُّ يجعل بينه وبين الشبهاتِ جميعها حاجزاً لا يحوم
حوله، فضلاً عن أن يتعدّاه، وهو إلى هذا يوقن بأنَّ "كلَّ جسدٍ نبتَ من
سحمغ فالنارُ أؤلَى به"، ولذا! ان الشيخ عَفَّ اليد واللسان، ومن الشواهد
(1)
(2)
انظر: تنبيه العقول، ص 5 0 2، ط. حلب.
انظر: حقيقة الإسلام وأصول الحكم، ص 24، ط. السلفية، سنة
344 اهـ.
41