كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
على ذلك ما ذكرته سابقأ من ردّه على مدير الشركة الأجنبية الذي سعى إليه
ليشفع له لدى قاضي مصرَ في إجاز 5 استبدال أعيان وقف للشركة مقابل
مبلغ كبيرٍ في حينه.
لقد عُرِضتْ عليه قضيةٌ كان موضوعُها النزاع على وقف كبير، فأصدرَ
الحكم بما اقتنع به من راي، وفرح المحكومُ له بما نال، فذهب - وهو
أمير - إلى الشيخ يحملُ صكّأ بمبلغ كبير للشيخ لموقفه القضائي، ولكنّ
الشيخ رمى المظروفَ في وجهه، وصاح به: "نحن نحكمُ بشرع الله،
ولا يخطرُ أمثالُك لدينا ونحن نحكم "، وخرج الأميرُ صاغرالم ا).
وحين كان ناظراً بشرط الواقفين على أوقافٍ يبلغُ أجر النظرِ عليها
سبعمئة جنيه في السنة، كان يوزِّعُ ذلك على الفقراء من أهل العلم وغيرهم
في المواسم والأعياد، ولا يكتفي بمن يعهدُ إليه بتوزيع المال إلا بأنْ يقدِّمَ
له كشفأ موقّعأ عليه ممّن اخذوا تلك المبالغ، ولم يكن احدٌ من اسرته
يعلمُ بذلك، حتى رأو 5 في حسابه بعد إحالته على المعاش، وقد سأله
الناس عن سبب انقطاع ذلك عنهم، فأحالهم على من بعد 5، ولما سأله
ذوو 5 عن سبب توزيعه لتلك الأموال، وهي حق له، قال لهم: "هذا مال
منظور، وأجز على خدمة الفقراء، وما كنتُ بالذي يأخذُ أجراً على خدمة
فقير".
وقد كانت المحاكم المختلطة تستطلعُ رايه في بعض النوازل المطروحة
أمامها فيفتيها بما تقتضيه الأحكام الشرعية، وكانت المحاكمُ تقدّرُ له اجراً
على ذلك فيردّه، وقد كتب إلى رئيس المحكمة هذه الحكمة الغالية:
"عندنا العلم لا يباع " (2).
(1 (
(2)
انظر: النهضة الإسلامية في سير أعلامها: 3/ 330.
انظر: مجلة الشبان المسلمين، عدد (صفر سنة 355 اهـ)، ص 474.
42