كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

1 - التكافل الاجتماعي:
لقد سألتْ وزارةُ المالية الشيخَ -وهو يتوئى منصب الإفتاء بتاريخ
(2/ 25/ 1920 م) - عن عريضةٍ مرفوعةٍ من امراة فقيرةٍ لا تملك شيئأ،
وليس لها قريبٌ ما يستطيع أن يعولَها مع تقدُّم السِّنِّ وضعفِ البنيةِ، وهي
تطلبُ من الدولة نفقةً شهريةً باعتبارها مواطنةً مصرية، فدرس الشيخُ
الموضوعَ من جوانبهِ الفقهية، وقوّاه بالسند القانوني حين اكد أن بيت
المال (وزارة المالية) يجبي الأموالَ من مرافقَ مختلفةٍ حدَّدها بالاسم،
ومنها التركات التي لا وارثَ لها أصلأ، أو لها وارثٌ ويبقى شيءٌ من
التركة، وهذا النوعُ على المشهور من المذاهب يصرَفُ للفقراء الذين
لا أولياءَ لهم، ومصرفه لكل عاجزٍ عن الكسب، ومتى كانت المراةُ فقيرةً
محتاجةً، وليس لها عائل، كان لها الحقُّ ان تأخذَ من مصارف الخراج
الخاصق بالأراضي الزراعية، ومن ضرائب الجمارك، ومن التركات التي
لا وارث لها، فيجبُ على الحكومةِ أن تعطيها الكفايةَ من مرفقي الضرائب
والتركات (1).
هذه الفتوى التي أصّلت مفهومُ التكافل في الإسلام لم يسمعْ أحدٌ
بمثلها قبل أن يصدعَ بها الشيخ المطيعي، وهي تعدُّ اَيةً من ايات فقهه
المتجدد، وفهمه السديد لمسؤولية الدولة نحو كلِّ مَنْ يستظلُّ برايتها
مسلمين وغيرَ مسلمين؟ لا! حماية الإنسان وتحقيقَ مستوًى لائق من
العيش له مبدا إسلامي، واصل من أصول الشريعة الغراء.
(1)
انظر: فتاوى الشيخ محمد بخيت المطيعي، للدكتور محمد رجب
البيومي، مجلة منبر الإسلام، عدد (ربيع الأول سنة 424 أهـ)،
ص 95؟ وانظر: مجموعة الفتاوى الإسلامية: 1/ 1 30، ط. المجلس
الأعلى للشؤون الإسلامية.
44

الصفحة 44