كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
ولم تكن الحكومة تتوقعُ هذا الردَّ الحاسم، فأبطأت في التنفيذ،
ولكنَّ هذه الفتوى احدثت صداها لدى بعض القضاة بالمحاكم الشرعية،
يقول الأستاذ عزيز خانكي (1) مشيرأ إلى قضية مماثلة رفعتها سيدةٌ مريضةٌ
متفدِّمةٌ في السنِّ تطالب الحكومة بالنفقة عليها، وتقطّعت عنها اسبابُ
الرزق، يقول: والواقع ان القضية رفعت سنة (0 92 1 م) أمام محكمة نجع:
حمادي الشرعية، فحكصت المحكمة بتاريخ (4/ 12/ 920 ام) برئاسة
فضيلة الأستاذ الشيخ محمد فرج السنهوري، بإلزام وزير المالية باعتباره
والي بيت مال المسلمين بأداء النفقة التي فرضتها المحكمة، على أ ن
يكونَ المفروضُ إلى المدعيةِ دينأ على زوجها يرجع به وزيرُ المالية إليه.
هذا ما قرره الأستاذ السنهوري متأثراً بفتوى الشيخ المطيعي، وقد
أراد بالرجوع إلى الزوج احتمالاً لغناه فيما بعدُ؟ لأنّه فقيرٌ وعاجزٌ لا يملك
شيئأ، وذلك تخفيفٌ لوقع الحكم على المسؤولين، ومع ذلك فقد
عارض التفتيشُ القضائي الشرعي حكمَ الأستاذ، وأرسل مذكرةً إلى-
المحاكم الشرعية بعدم سماع مثل هذه الدعاوى، لأنَّها غيرُ ملزمة،
وكلمة (ملزمة) مما يحارُ امامها العقلُ، فالمدعية فقيرةٌ مريضةٌ، ولها على
الدولة حقُّ الرعاية، وبابُ النفقة حدّده الشيخ محمد بخيت، وحصره في
ضرائب الأرض والجمارك والتركات التي لا وارثَ لها، والمحكمةُ
شرعيةٌ لا أهلية، فكيف يحدُث هذا؟!.
(1)
عزيز خانكي (1873 - 1956 م): محام، مؤرخِ، حلبي الأصل،
مصري المنشا والإقامة والوفاة، من طائفة الأرمن الكاثوليك، تَعلّمَ
بالمدرسة الخديوية ومدرسة الحقوق بالقاهرة، وتفقّه بالأزهر، وحضر
دروس الشيخ محمد عبده، واشتغل بالمحاماة، فكان من اقطابها،
وإليه يرجع الفضل في إنشاء نقابة المحامين بمصر، وعُني بتدوين كثير
من الأحداث، فاصدر نحو أربعين كتابأ. الأعلام، للزركلي.
45