كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

وبعد اكثر من عشرين عامأ، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية ظهر
ما يسمّى بمشروع (بيفردج) الخاصّ بالتأمين الاجتماعي في بريطانيا، وبه
نصّ يقرِّرُ حقَّ الفقراء والعجزة والضعفاء في مال الدولة، إذ لا بدَّ من
رعاية حق كلِّ مواطن، وقام الكاتبون في مصر يتحدّثون عن إنسانية
المشروع، وانّه سَبْق ظافرٌ لمدنية الغرب، فهل علمَ هؤلاء فتوى الشيخ
بخيت، وحكم الشيخ محمد فرج السنهوري، قبل أن يُشِيْدُوا بحضارةٍ
غربيؤ لم تصل إلى ما وصلنا إليه منذ ظهر الإسلامُ في الوجود؟! (1).
2 - رأيه في الشيوعية:
بعد أن نجحت الثورة الروسية سنة (917 ام) وقامت الشيوعيةُ
رسميّأ، ظهرت عِدّةُ كتب تشيدُ بمبادئها، وتعلن أنّها الحلُّ النهائي
لمشكلات البشرية، وأنَّ العقائد الدينية ليست إلا أفيونأ للعامة، يسكرهم
عن حقوقهم المغتصبة.
وقد تساءَل بعضُ المسلمين إذ ذاك عن حقيقة الشيوعية، فبعث سائل
لمفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت بتاريخ (7/ 2/ 919 ام) يسأله
عن هذا الاتجاه الجديد، فكانت فتوى الشيخ أوّلَ فتوى تصدر في العالم
الإسلامي جميعه، وقد بُدِئتِ الفتوى ببحثٍ تاريخي عن الدعوات
الانحلالية القديمة في فارس المجوسية، حين نادتْ لفترة ما بماباحة
الأموال والأعراض للجميع، فعجّلت بانتشار الفوضى في فارس لأمدٍ غيرِ
قصير، حتى جاء الإسلام، فنظَّم العلائق الاجتماعية، وشرع العقود
الناقلة للمِلك من هبةٍ وبيعٍ ووصيةٍ، وبيّن المواريث، وحدّدَ لكلِّ وارث
نصيبه المعلوم، وبيّن أنَّ اللّه هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر،
وجاءت خطبةُ الوداع دستوراً إنسانيّأ يحمي الحُرُمات، ويحفظُ الحقوقَ.
(1)
انظر: النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين: 3/ 335.
46

الصفحة 46