كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء
والمرسلين محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن دعا
بدعوته إلى يوم الدين.
وبعد؟ ف! نّ العالم الإسلافيَ تعرَّض بعد تدمير بغداد سنة (656 هـ)
والقضاء على الحملات الصليبية الباغية، وهمجيةِ التتار والمغول
الحاقدة، لحياةٍ طابعُها الركودُ والتخلّفُ، وإن عرفَ بعض المجدّدين
والمجتهدين، ولكنَّ تيار التقليد والجمود كان أعتا من جهاد هؤلاء، فلم
يكن لما دعَوْا إليه تأثير فاعِل في عصرهم.
وظلَّ العالم الاسلامي يغطُ في نوم عميق، واضطراب في حياته
السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وما تمخّض عن هذا كله من هبوط
الحياة العلمية في كلِّ الفروع النظرية والعملية.
وقد ارتدَّ هذا الوضعُ على العامة بالضَّنْكِ والمِحَن، فالأُمراء يتنازعون
السلطةَ فيما بينهم، وكلّ يسعى للانفراد بها، فقاست الشعوبُ ما قاست
من شظف العيش، وجَوْر الحكام، وشيوع الجرائم. . .
وكان الغربُ في الوقت الذي تراجع فيه المدُّ الحضاريُّ الاسلاميُّ قد
اخذ طريقه نحو التطوير والتقدّم العلمي والصناعي، وكان يتطلَّع إلى غزو
العالم الإسلامي من جديد، ونهب ثرواته، والثأر لما انزله به صلاح

الصفحة 5