كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي
وختم الشيخ دراسته عن التبشير وخطورته، ومنهج مقاومته، بقوله:
"وصفوةُ القولِ: إنّ العلاجٍ الشافي لأمراض الأمة ودفعَ خطر التبشير إنّما
هو تربيةُ الأمةِ تربيةً دينية، مع التطبيق العملي لأحكام الدين. . ومتى
تسلّج أفرادُ الأمة بالعقائد الإسلامية، وأُشربت نفوسُها حُبَّ المبادئ
الدينية، وخالطت بشاشةُ الدين قلوبَها، فقد اصبحتْ في مناعةٍ دينية،
وحصانة إسلامية، يستحيلُ معها ان يضلَّها عن الحقِّ أيُّ مضل، او أ ن
يفتنَها في دينها افيُ فاتنٍ" (1).
وهذا الحديثُ عن التبشير يعبِّر عن إدراكٍ دقيقٍ لهذا النشاط المعادي
للإسلام والمسلمين، وهو يؤكِّدُ أنَّ ضعف العقيدةِ، وتقصيرَ المسؤولين على
تفاوت مراكزهم -بالإضافة إلى الدَعْمِ الاستعماري - كان مِنْ أهمّ الأسباب
التي دفعت المبشرين والمستشرقين إلى التخطيط لغزو المسلمين معنويّأ.
ولو كان الشيخُ قد امتدَّ به العمرُ إلى العصر الحاضر لأزعجه كلَّ
الإزعاج ما بلغ إليه التبشيرُ عبر القنوات الفضائية المرئية، وكذلك الجامعات
والمدارس الأجنبية التي كثرت في بلاد المسلمين، وهي هانْ كانت
لا تدعو مباشرة إلى التنصير، فانها تمهّد له بما تقدّمه من ثقافاتٍ لا تخدمُ
الإسلام والمسلمين بقدر ما تخدِمُ الدول التي اقامت هذه الجامعات
والمدارس، لأنَّ الذين يتخرّجون فيها يعرفون عن لغاتِ وثقافةِ هذه الدول
أكثرَ ممّا يعرفون عن دينهم وتاريخهم وخصائص هويتهم، وهؤلاء وإن لم
يرتدوا عن دينهم، غير أن برامج تلك الجامعات تميتُ فيهم روحَ الإسلام
وحضارته، فلا يتحمّسون للعمل بتشريعاته، ويصبحون من ثَئمَ صيداً
ثمينأ لأعداء الدعوة إلى الحل الإسلامي لمشكلات الاُمة الراهنة.
(1)
انظر: مجلة الإسلام، السنة الثانية، عدد (4 2 ربيع الثاني سنة 352 أ هـ)،
ص 19 - 22.
54