كتاب محمد بخيت المطيعي شيخ الإسلام والمفتي العالمي

الدين في حطين، غير أنّه كان يخشىَ قوّةَ الخلافة العثمانية التي بسطت
نفوذَها على دول البلقان وغيرها، فلمّا اتى على هذ 5 الخلافةِ حين من
الدهر فقدتْ فيه أسبابَ قوتها وهيبتها سعى الغربُ لاقتسام تركة الرجل
المريض، فكانت حملةُ نابليون على مصر طليعة التحرُّك الغربي للهيمنة
على هذا العالم، ولم يُكْتَبْ لهذه الحملة البقاءُ في أرض وادي النيل إلا
نحو ثلاث سنوات (1798 - ا 180 م)، بسبب تعارض الأطماع
الأوروبية، وبسالة المقاومة المصرية.
وآل حكمُ مصر بعد ذلك إلى رجل آمن بأنَّ سِزَ قوّةِ الأمم الغربيةِ إنَما
هو العلم، وبأنّ في المصريين استعدادأ للرفي والنهوض، فصفم محمد
علي على بناء جيش قوي يذودُ به عن مُلكه، وأنشأ المدارسَ المختلفة
لإعداد جيل يساعِدُه على النهوض بمختلف مرافقِ البلاد، ولم يكتفِ
بهذا، هانّما أرسل بعثات إلى أوروبة للتخضص في الدراسات العلمية،
هاجادة اللغات الأجنبية، حتى يمكنَ ترجمةُ علومِ الغرب إلى اللغة
العربية، ومن ثَئمَ انشأ مطبعةً تطبع الكتب المترجمة، وبعض كتب
التراث، كما أنشأ أولى الصحف الرسمية في الشرق العربي، وهي
" الوقاخ المصرية ".
وهذه النهضةُ التي عرفتها مصرُ في عهد محمد علي الذي استمزَ نحو
اربعين عامأ (1805 - 1849 م) قد حلَّ بها الوهن والتخفف في عهد
عباس بن طوسون بن محمد علي، الذي يُعْرَف بعباس الأول، وقد حكم
مصر بعد عَفه إبراهيم باشا نحو ست سنوات (1849 - 1854 م) فقد اغلق
كثيرأ من المدارس والمعاهد، وأهمل المصاخَ وآلاتِ دار الصناعة،
حتَّى عُرِضت السفنُ الحربئةُ واسلحتُها للبيع.
وتوثى حكم مصر بعد عباس الأول الخديوي محمد سعيد بن محمد
علي الذي اقتفى نهج ابن أخيه في غلق المدارس، ولكنْ كان من حسناته
6

الصفحة 6